كتاب الرمل Le livre de sable

للكاتب الارجنتيني: خورخي لويس بورخيس


السطر يتكون من عدد لامتناه من النقاط؛ والمخطوط، من عدد لامتناه من السطور؛ والكتاب المجلد، من عدد لا متناه من الصفحات؛ والسفر، من عدد لامتناه من الكتب المجلدة...
لا، حتماً، ليس هناك، أكثر تخطيطاً، وأفضل طريقة للشروع في كتابة قصتي. لقد غدا اتفاقاً اليوم الإقرار بأن كل قصة عجائبية هي قصة حقيقية؛ و مع ذلك فقصتي أنا حقيقية.
أعيش بمفردي، في الطابق الرابع من عمارة بشارع "بيلغرانو". حدث ذلك منذ أشهر، ذات مساء، سمعت طرقاً على بابي. فتحت فدخل شخص غريب . كان شخصاً جسيماً، ذا ملامح غير مضبوطة. ربما قصر بصري هو الذي جعلني أراه على تلك الشاكلة. مظهره كله كان يعكس فاقة محتشمة. يرتدي لباساً رمادي اللون ويحمل في يده حقيبة. أدركت للتو أنه شخص غريب.
في البداية اعتبرته عجوزاً؛ فيما بعد تأكدت من أنني أخطأت من خلال شعر رأسه المشتت، الأشقر، الذي يكاد يكون أبيض، مثل ما هو عند أهل الشمال. خلال حوارنا ، الذي لم يستغرق أكثر من الساعة، عرفت أن أصله يعود إلى الأوركاديين.
قدمت إليه كرسياً، ترك الرجل لحظة تمر قبل الكلام. كان ينبثق عنه نوع من الكآبة، مثلما أنا عليه الآن.
ـ إنني أبيع الأناجيل،
قال لي.
أجبته من غير ادعاء المعرفة:
ـ توجد عندي هنا العديد من الأناجيل الإنجليزية، بما فيها أول إنجيل،
إنجيل "جون ويكليف". عندي أيضاً إنجيل"سيبريانو دي فاليرا"، وإنجيل "لوتير"، الذي هو من الناحية الأدبية الأكثر سوءاً، و أيضا نسخة بلاتينية "فولكات". وكما ترى ، فليست الأناجيل بالضبط هي ما ينقصني.
بعد لحظة صمت رد علي قائلاً:
ـ أنا لا أبيع الأناجيل فقط بإمكاني أن أريك كتاباً مقدساً قد يفيدك ربما اشتريته من حدود "بيكانير".
فتح حقيبته ووضع الكتاب على الطاولة. كان عبارة عن مجلد

ضخم مغلف بالقماش. لا شك أنه مر عبر أياد كثيرة. فحصته؛ فاجأني ثقله المخالف للمألوف. قرأت على ظهره في الأعلى "الكتابة المقدسة" وفي أسفله "بومباي".
ـ قد يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر، قلت معاينا الكتاب.
ـ لا أعرف، لم أعرف ذلك أبداً، رد الرجل.
فتحته كيفما اتفق. كان الخط غريباً علي. والصفحات، التي بدت لي متآكلة إلى حد ما، كانت ذات طباعة هزيلة، مثبتة على عمودين على غرار إنجيل. المتن كلماته جد متقاربة فيما بينها ومرتبة على شكل آيات. وفي الزاوية العليا للصفحات أدرجت أرقام باللغة العربية. أثار انتباهي أن صفحة زوجية كانت تحمل، على سبيل المثال، الرقم 40514 والصفحة الوترية، التي تتبعها، الرقم 999. قلبت هذه الصفحة؛ على الظهر يتضمن ترقيم الصفحات ثمانية أرقام. كانت موشاة برسم صغير، كالذي نجده في القواميس: مرساة مرسومة بالريشة، كما لو كانت بيد طفل صغير غير حاذقة.
حينذاك قال لي الرجل الغريب:
ـ أنظر إليه جيداً. لن تراه بعد الآن أبداً.
كما لو كان في هذا التوكيد نوع من الوعيد ، لكن ليس في النبرة.
أشرت مكانه بالضبط داخل الكتاب ثم أغلقته. وسرعان ما أعدت فتحه. بحثت عن رسم المرساة، صفحة صفحة لكن بدون جدوى. ولكي أداري دهشتي، قلت له:
ـ يتعلق الأمر بنسخة من الكتابة المقدسة في لغة من لغات الهنود، أليس كذلك؟
ـ لا، رد قائلاً.
ثم، خافضاً صوته كما لو أنه يريد أن يبوح لي بسر:
ـ اشتريت هذا المجلد من بلدة من بلدات السهل، مقابل بعض الروبيات وإنجيل. لم يكن مالكه يعرف القراءة. أظن أنه اعتبر الكتاب تعويذة. مِلك الطبقة الشعبية الأكثر دونية؛ لا يستطيع أحد، السير على ظله دون أن يصاب بأذى. قال لي إن كتابه يسمى كتاب الرمل، ذلك لأن لا الكتاب ولا الرمل لهما بداية و نهاية.
وطلب مني أن أبحث عن الصفحة الأولى.
وضعت يدي اليسرى على الغلاف وهممت بفتح المجلد بإبهامي مضموماً إلى الخنصر. حاولت جاهداً دون جدوى: كانت صفحات تلصق بين إبهامي والغلاف، كما لو أنها تخرج من الكتاب لوحدها.
ـ الآن ابحث عن الصفحة الأخيرة.
باءت محاولاتي مرة أخرى بالفشل؛ وبالكاد تلعثمت بصوت لم يكن صوتي:
ـ هذا مستحيل.
ودائماً بصوت خفيض قال لي بائع الأناجيل:
ـ هذا مستحيل بيد أنه كذلك.عدد صفحات هذا الكتاب هي بالضبط لامتناهية. لا واحدة منها هي الأولى ولا واحدة منها هي الأخيرة.
لا أعرف لماذا هي مرقمة بهذه الطريقة الاعتباطية. ربما لإفهام الآخرين بأن مركبات سلسلة لامتناهية ممكن أن تكون قطعاً مرقمة بطريقة عشوائية.
بعد ذلك وكما لو أنه كان يفكر بصوت عال، أضاف:
ـ إذا كان الفضاء لامتناه، فنحن نتواجد في نقطة ما من نقطة. إذا كان الزمن لامتناه، فنحن نتواجد في نقطة ما منه.
أثارتني اعتباراته. سألته:
ـ أنت بلا شك لك معتقد ديني ؟
ـ نعم، أنا كالفاني. ضميري مرتاح. و أنا على يقين أني لم أغش القروي و أنا أقدم إليه كلمة الرب مقابل كتابه الشيطاني .
طمأنته بأن لا شيء فيه يستحق أن يلام عليه، وسألته إن كان فقط عابراً لمناخاتنا. فرد علي قائلاً إنه يفكر في العودة قريباً إلى وطنه. و لحظتها عرفت منه أنه اسكتلندي، من جزر أوركاد. قلت له بأنني أحب اسكتلندة شخصيا بسبب محبتي الشديدة لـ"استفنسن" و"هيوم"، فصحح لي:
ـ و " روبي بورنز"
وبينما نحن نتحدث، كنت أتابع تصفح الكتاب اللانهائي. وقلت له متصنعاً عدم الاكتراث:
ـ هل في نيتك إهداء هذا النموذج المثير للإعجاب إلى المتحف البريطاني؟
ـ لا، إليك أنت أهديه، رد قائلاً، و ذكر ثمناً مرتفعاً.
فأجبته، و بكل صدق، بأن هذا المبلغ فوق طاقتي، وأخذت أفكر. بعد لحظات، كنت دبرت خطتي.
قلت له:
ـ اقترح عليك مقايضة،أنت حصلت على ذاك المجلد مقابل بعض الروبيات ونسخة من الكتاب المقدس، وأنا سأعطيك مقابله كل المبلغ الذي حصلت عليه من تقاعدي وإنجيل"ويكليف" بالخط القوطي الذي ورثته عن والدي.
وغمغم ( بالأنجليزية):
ـ إنجيل"ويكليف" الأبيض
ذهبت إلى غرفتي وعدت إليه بالمال والكتاب. تصفحه و فحص صفحة العنوان بنهم شخص مولع بالكتب حد المرض.
ثم قال لي:
ـ اتفقنا
استغربت لكونه لم يساوم. وفهمت بعد ذلك أنه أتى مصمماً أن يبيعني الكتاب. و دون أن يعد الأوراق المالية وضعها في جيبه.
كنا قد تحدثنا عن الهند و"الأوركاد"، و العادات النرويجية التي تحكم هذه الجزر.
كان الوقت ليلاً عندما رحل الرجل. ولم أره بعد ذلك أبداً وأنا أجهل اسمه.
فكرت أن أضع"كتاب الرمل" في المكان الفارغ الذي خلّفه
إنجيل"ويكليف" ، ولكني اخترت في النهاية أن أخفيه خلف المجلدات غير المتجانسة لـ"ألف ليلة وليلة".

تمددت دون أن أنام. وحوالي الساعة الثالثة أو الرابعة قبل طلوع النهار، أشعلت النور. تناولت مرة أخرى الكتاب المستحيل ورحت أقلب صفحاته. ورأيت على إحداها، رسماً لقناع. يحمل أعلى الصفحة رقماً، نسيته، درجة ارتفاعه تصل إلى9.
لم أطلع أحداً على كنزي. وإلى جانب نشوة امتلاكه انضاف خوفي من أن يسرق مني، أيضا الشك في أن لا يكون حقاً لامتناهيا. هذان الهمّان ضاعفا من نزعتي القديمة الكارهة للبشر.
كان لا يزال لدي بعض الأصدقاء؛ توقفت عن الاتصال بهم. صرت سجين الكتاب، لا أضع قدمي تقريباً خارج البيت . أفحص فحصاً مدققاً ظهره وصفحاته المتهرئة بمكبر وأستبعد احتمال أي نوع من أنواع المكر. وتأكدت أن رسوماته الصغيرة متباعدة بألفي صفحة الواحدة عن الأخرى. سجلتها في فهرسة هجائية لم أتوان في ملئها. لم تظهر ثانية أبداً. وفي الليل، في اللحظات النادرة التي يسمح لي بها الأرق، كنت أحلم بالكتاب.
انتهى الصيف و حينها أدركت أن الكتاب كان شديد الخطورة،
وهذا لم يفدني في شيء في أن أدرك أني أنا أيضاً على نفسي كنت شديد الخطورة، أنا الذي كنت أنظر إليه بعينيّ وأتحسسه بأصابعي العشرة وأظافرها. شعرت بأنه شيء كابوس، شيء فاحش يهتك عرض الواقع ويفسده.

فكرت في النار، لكنني خشيت أن يكون إحراق كتاب لانهائي هو أيضا لانهائي قد يخنق الكون بدخانه.
تذكرت أني قرأت في كتاب من الكتب بأن أفضل مكان لإخفاء ورقة هو في غابة. قبل الحصول على تقاعدي، كنت أعمل في المكتبة الوطنية، التي تضم تسعمائة ألف كتاب؛ وكنت أعرف أنه إلى يمين الرواق، يوجد درج حلزوني ينزل إلى عمق طابق أرضي حيث يحتفظ بالصحف والخرائط. انتهزت انشغال المستخدمين لإخفاء كتاب الرمل في واحد من رفوفه التي غزتها الرطوبة. حاولت ألا أرى في أي علو ولا في أي مسافة من الباب.
أشعر الآن بقليل من الارتياح، بيد أنني أفضل تجنب المرور عبر شارع مكسيكو.


خورخي لويس بورخيس  Jorge Luis Borges :

   كاتب ارجنتيني (1899 - 1986)  يعتبر من أبرز كتاب القرن العشرين بالإضافة إلى الكتابة فقد كان بورخيس شاعراً وناقداً وله
عدة رسائل. ولد بورخيس في بوينس آيرس وكان والده  محامياً وأستاذاً لعلم النفس، وكان مصدراً للإلهام الأدبي حيث قال عنه بورخيس: «حاول أن يصبح كاتباً ولكن محاولته فشلت». أما والدته  فقد تعلمت الانجليزية  من زوجها وعملت كمترجمة.
 بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى أمضت عائلة بورخيس ثلاث سنوات في اسبانيا حيث أصبح بورخيس عضوا في حركة حراسة المقدمة الأدبية المتطرفة. في العام 1921 عاد بورخيس مع عائلته إلى بوينس آيرس محضراً معه الأفكار التطرفية الأدبية وبدأ مشواره الأدبي ككاتب بنشر قصائد ومقالات في مجلات أدبية.
 بدأ بصره يضعف بالتدريج  حيث أصبح غير قادر على إعالة نفسه ككاتب فبدأ عملاً جديداً كمحاضر عام. وبالرغم من وجود بعض الاضطهاد السياسي فقد كان بورخيس ناجحاً إلى حد معقول وأخذت شهرته تزداد بين الناس حتى عين في منصب رئيس جمعية الكتاب الأرجنتينيين ( 1950 - 1953 ) وكأستاذ للإنجليزية والأدب الأمريكي (1950 - 1955 ) في الجمعية الأرجنتينية للثقافة الإنجليزية. وتم إنتاج قصته القصيرة "إما زونز" في فيلم باسم "أيام الغضب" (Días de odio) في عام 1954. وفي تلك الفترة أيضاً بدأ بورخيس كتابة المسرحيات.
وفي العام التالي حصل على الجائزة الوطنية للأدب وعلى أول دكتوراة فخرية له من جامعة كويو من عام 1956  وحتى 1970 تقلد  منصب أستاذ للأدب في جامعة بيونس آيرس والعديد من المناصب المؤقتة في جامعات أخرى.
بدأت شهرته الدولية في مطلع 1960 فحصل على جائزة فورمنتر  مشاركة مع صاموئيل بيكيت، ولما كان هذا الأخير معروفاً وذا اسم عند متكلمي الإنجليزية في حين كان بورخيس غير معروف عندهم وأعماله غير مترجمة، أخذ الفضول يدور حول هذا الكاتب المغمور الذي شارك الجائزة مع بكيت. قامت الحكومة الايطالية بمنحه لقب قائد (Commendatore) تكريماً له. قاد هذا الأمر إلى قيام بورخيس بجولة لإعطاء المحاضرات في الولايات المتحدة، ثم ظهرت أول ترجمة لأعماله بالإنجليزية في 1962، وتبع ذلك جولات في اوروبا. منحته الملكة اليزابيت وسام الامبراطورية البريطانية في عام 1965. وقد حصل  بعد ذلك على عشرات الأوسمة والتكريمات في ما تلى من سنوات، ومثال ذلك حصوله على وسام جوقة الشرف الفرنسية (Légion d'honneur) وجائزة كيرفانتس.عام 1999 تم إصدار عملة بمقدار 2 بيزو  تحمل صورته بمناسبة 100 عام على مولده.



قصة طريقين

 (قصة عن الشقاق والوفاق)  للأديب البرازيلي باولو كويلهو



قبل قرون من امتلاء وسائل الإعلام بأخبار عما يسمى (تأثيرات العولمة), حكى الشيخ (قالندار شاه) القصة التالية في كتابه (أسرار الوحدة).
في شرق (أرمينيا) كانت هناك قرية صغيرة تقع بين طريقين متوازيين, تُعرفان بالطريق الجنوبية والطريق الشمالية.
وذات يوم وفد إلى القرية مسافر قادم من مكان بعيد, جاء سائراً عبر الطريق الجنوبية, وقرر زيارة الطريق الثانية أيضاً. ولاحظ التجار المحليون امتلاء عينيه بالدموع.
وقال الجزار لتاجر الملابس (لابد أن شخصاً ما قد لقي حتفه على الطريق الجنوبية. انظر كيف يبكي هذا المسافر المسكين بعد أن مر بها).
والتقطت أذنا أحد الأطفال تلك الملحوظة, ولأنه يعرف أن الموت شيء سيئ للغاية, بدأ البكاء الهستيري. وفي الحال بكى جميع الأطفال بالشارع.
وانزعج المسافر, وقرر الرحيل على الفور. وألقى من يديه ثمار البصل التي كان يقشرها ليأكلها وهي سبب امتلاء عينيه بالدموع, ثم اختفى.
وبعد برهة, شعرت الأمهات بالقلق لبكاء أطفالهن, فأسرعن لمعرفة ما يحدث, وسرعان ما اكتشفن أن الجزار وتاجر الملابس ثم غيرهما من التجار قد انشغلوا بأمر المأساة التي وقعت على الطريق الجنوبية.
وسرعان ما انتشرت الشائعات. ولأن عدد سكان القرية محدود للغاية, عرف جميع القاطنين بالقرب من الطريقين أن شيئاً خطيراً قد حدث. وبدأ الكبار يشعرون بالخوف من حدوث الأسوأ, متوقعين الانكشاف التدريجي لأبعاد المأساة, وفضلوا عدم طرح أية أسئلة حتى لا يزيدوا الوضع سوءاً.
وكان هناك رجل أعمى يعيش عند الطريق الجنوبية ويجهل ما يحدث, ولذلك سأل: ما سبب كل هذا الحزن في مكان كان سعيداً دائماً.
فأجابه أحد السكان: هناك شيء فظيع حدث بالطريق الشمالية, فالأطفال يبكون, والرجال متجهمون, والأمهات ينادين أطفالهن ليعودوا إلى البيوت, والزائر الوحيد لهذه المدينة منذ سنوات عديدة, غادر وعيناه ممتلئتان بالدموع. ربما ضرب الطاعون الطريق الأخرى.
ولم يمر وقت طويل حتى انتشرت شائعة وجود مرض قاتل - لم
يكن معروفاً من قبل - في القرية كلها. ولأن البكاء بدأ مع مجيء مسافر إلى الطريق الجنوبية, أصبح واضحاً بالنسبة لسكان الطريق الشمالي أن الطاعون لابد ظهر هناك. وقبل مجيء الليل, ترك السكان منازلهم إلى الجبال في الشرق.
واليوم - بعد قرون - مازالت القرية التي مر بها المسافر وهو يقشر البصل, مهجورة.
وغير بعيد عنها, ظهرت قريتان أخريان تدعوان (الطريق الشرقية) و(الطريق الغربية). وما زال السكان, من ذرية سكان القرية الأولى, لم يتحدثوا إلى بعضهم البعض لأن الزمن والخرافة وضعا حاجزاً من الخوف بينهم.. فلقد استقر بداخلهم أنه إذا ما حاولوا إعادة الصلات, فسيواجه مجتمعهم خطراً هائلاً.
ويعلق الشيخ (قالندار شاه):
لا يعتمد كل شيء في العالم على الأشياء ذاتها, بل على علاقتنا بها. 
 ففي نهاية تسعينيات القرن الماضي, لابد أن مسافرنا قد انفجر بالضحك بينما كان يمر بإحدى الطرقات الكبرى للقرية الكونية. فبينما اختفى الاقتصاد القديم, برزت الأسواق المالية, سقطت الجدران, انخفضت معدلات الفائدة, وتراجعت القيم الإنسانية عن ما كانت عليه في نهاية القرن التاسع عشر, ووصلت الحكومات المحافظة إلى السلطة. وبدا كل شيء في حالة من التناغم المثالي. وكل ما كان مفتقداً, شيء تحتاجه كل حضارة لكي تستمر.. عدو.
وكان من الصعب جداً التورط في حروب جديدة, وهكذا لم يكن ممكناً اعتبار الإبادة في (رواندا) أو الحرب الأهلية في يوغوسلافيا.. ذلك العدو.
وهكذا, وبنهاية القرن الماضي, كان الشرير الأعظم هو السيجارة.
نعم, صدق أو لا تصدق, منذ وقت قريب كان التهديد الأعظم للعالم الحديث, تلك اللفافة الورقية الصغيرة المحشوة بالأوراق الجافة, بطرف مشتعل, وآخر غير مشتعل.
وقبيل الهجمات الإرهابية كان هناك مسافر آخر يطوف بالقرية الكونية وهو يأكل البصل. وعادت الحرب العادلة إلى أوربا ومعها ما ألحقته من دمار هائل, وكان ذلك في (بلغراد).
وبدأت أسواق المال تنهار, واتجه المحللون, الذين سبق ونصحونا بشراء الأسهم, إلى توقع انهيار لا يمكن تجنبه. وبدأ الناس يشعرون بالقلق على استثماراتهم وتقاعدهم وما القرارات التي يجب عليهم اتخاذها.
أما الخطر الحقيقي فظهر في صباح الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001, وبدت الإنسانية على شفا انهيار عصبي, ففي تلك اللحظة
حدث شقاق كبير بين سكان (الطريق الشمالية) - ويعرفون كذلك بالمسيحية اليهودية - وبين سكان (الطريق الجنوبية) - ويعرفون كذلك بالإسلام.
ورفضت ذلك الصحف كلها, وكذلك خرجت البرامج التليفزيونية لتقول: (لا شيء تغير), وتقابل رجال الدين من كلا الطرفين في مؤتمرات دولية وعاملوا بعضهم البعض بتسامح واحترام, أما في الحياة الواقعية, فإذا كان جارنا مسيحياً أو يهودياً (في الطريق الجنوبية) أو كان الجار يذهب إلى المسجد ويطلب من زوجته ارتداء الحجاب (في الطريق الشمالية), فمن الأفضل أن نتابعه بحرص لأن شيئاً فظيعاً قد يحدث في أي لحظة.
فهل من الممكن إعادة توحيد هاتين القريتين قبل اندلاع الهستيريا وتوابعها الأشد خطورة, وهذا ما أظنه? يجب أن ننحي جانباً التحليل السياسي, الخطط الاقتصادية والدراسات الاجتماعية, لنبحث عن إجابة لسؤال رئيسي: من أكون? ولماذا أتصرف هكذا?
وليس من طريقة للقيام بذلك أفضل من النظر إلى حياتنا كما لو كانت سباق دراجات.
وعندما كنا صغاراً, وعند بداية السباق كنا ننطلق معًا متقاسمين الصداقة والحماس. ولكن مع تقدم السباق, تتراجع السعادة المبدئية أمام التحديات الواقعية - الإرهاق - الضجر - والتشكك في قدراتنا الشخصية.
ونلاحظ أن قليلاً من أصدقائنا قد استسلموا داخلياً, لكنهم ما زالوا يقودون دراجاتهم فقط لأنهم لا يستطيعون التوقف في منتصف
الطريق. وكثيرون يبدلون إلى جوار السيارات الداعمة, مشغولين بمنولوجهم الداخلي للوفاء بالتزاماتهم, لكنهم غافلون عن مظاهر الجمال والتنافس على الطريق.
وتدريجياً نخلفهم وراءنا, وبعد ذلك نجد أنفسنا في مواجهة الوحدة وذلك عند المنعطفات غير المألوفة في الطريق والمشكلات الميكانيكية في دراجاتنا.
ونمر بغابات مظلمة حيث من الممكن أن يحدث أي شيء, لأنها مسكونة بأشباح مخيلتنا.
وعند مرحلة محددة, وبعد مرات معدودة من السقوط دون شخص قريب يمد يد المعاونة, نبدأ التساؤل عما إذا كان يستحق فعلاً كل ذلك الجهد.
بلى, يستحق. فذلك سؤال يهدف إلى إثارة الحماس وعدم الاستسلام.
ويقول الأب (آلان جونز): للتغلب على المعوقات, وللمشاركة في تحسين الوضع العالمي, نحتاج إلى قوانا الخفية: الحب - الموت - السلطة - والزمن.
يجب أن نحب, لأننا محبوبون, رغم أن شعورنا بالوحدة يجعلنا نعتقد نقيض ذلك. ويجب أن ننتبه للموت حتى ندرك قيمة الحياة.
يجب أن نناضل لننمو, ولكن دون أن نترك أنفسنا لخداع السلطة التي نكتسبها خلال النضال, وذلك لأن تلك السلطة لا قيمة لها.
وفي النهاية, يجب أن نقبل بأن حياتنا - اعتقدنا أو لم نعتقد - في الفردوس القادم, في اللحظة الحالية واقعة في أسر الزمن بكل خياراته وحدوده.
ولذلك, ففي سباق الدراجات الفردي, يجب أن نتصرف كما لو كان الزمن موجوداً, ونبذل ما بوسعنا لإضفاء القيمة على كل ثانية, ويكون لنا حق الراحة عندما يكون ذلك ضرورياً ولكن مع الاستمرار في الاتجاه الذي اخترناه.
وليس من الممكن التعامل مع هذه القوى الأربع كما لو كانت مشكلات يجب حلها, لأنها تتجاوز قدرتنا. يجب أن نقبلها وندعها تعلمنا ما نحتاج تعلمه.
فبينما نقوم بالتبديل تجاه هدفنا, يجب أن نسأل أنفسنا: (ما المختلف اليوم?) ربما تكون الشمس مشرقة, لكن إذا حدث وأمطرت, تذكر دائماً أن ذلك كله يعني أن السحب القاتمة ستتلاشى عما قريب. تتلاشى السحب, وتظل الشمس على حالها.. لا تختفي أبداً.
وفي لحظات الوحدة, من المهم تذكر ذلك. وخلال تلك اللحظات, لنتذكر وجود تلك القرية, وعندما يصبح المسير صعباً للغاية, يجب أن نحرص على عدم نسيان أن - بعيداً عن السباق, اللون, الوضع الاجتماعي, المعتقدات أو الثقافة - الناس الموجودين هناك مروا بالتجربة ذاتها.
ولقد كتب (ذو النون المصري) (796 - 861 م) صلاة رائعة تلخص ببراعة التوجه الذي يحتاج إليه المرء في مثل تلك الأوقات:
(يا إلهي, عندما أُنصِت لأصوات الحيوانات, ولحفيف الأشجار, وخرير الماء وغناء الطيور, وهدير الريح وهزيم الرعد, أرى فيها دليلاً على وحدانيتك, أشعر أنك قهار, عليم, حكيم وعادل. يا إلهي, أُدرك وجودك في الصعاب التي أمر بها الآن. إلهي ليكن رضائي من رضائك, واجعلني مصدر بهجتك, تلك البهجة التي يستشعرها الأب في وجود طفله. ولتجعلني أذكرك في سكينة وعزم, حتى لو كان من العسير علي أن أصرح أنني أحبك).
ومثلما نعود إلى الحقائق البسيطة الموجودة داخلنا, فإننا ننأى بأنفسنا عن الهستريا الجمعية لنستطيع المشاركة بواقعية في العالم المحيط بنا.
وفي مرحلة محددة, تعترض المأساة سبيل كل إنسان: قد تكون تدمير مدينة, موت طفل, اتهامًا بغير دليل, مرضًا ينتشر دون تحذير جالباً معه عجز دائم.
وأحياناً نرث المآسي الخاصة بأجيال سابقة, كما هو الحال مع الطريق الجنوبية والطريق الشمالية.
وبعد فترة نحصل على الحب, الموت, السلطة, والزمن, وجميعها ستعاوننا للحفاظ على سكينتنا عندما يمر ثانية بالطريق التي تمر بقريتنا, سواء كان يبكي أو يضحك.
وإذا ما واجهتنا مشكلة حقيقية, فلن تستطيع الصحف أن تقنعنا بالعكس. ولو تعلق الأمر بمجرد حالة أخرى لشخص ما يقشر البصل, فلن يكون بوسع مخلصي أرض الأسلاف والحضارة أن يتملصوا ويرتكبوا جرائم باسمنا.
ومن المفيد دائماً أن نتذكر كيف تعلمنا قيادة دراجة. لم يتم ذلك بواسطة ميكانيكا القوى والكتلة الحرجة والسرعة المثالية. ليس بالجلوس أمام مدرس يشرح لنا كيف يمكن لهذه المركبة ذات العجلتين أن تستمر في التحرك.
ولم يحدث ذلك لأن شخصاً ما أخبرنا أن دراجتنا أفضل وأكثر أمناً من دراجة شخص آخر, وهكذا نستطيع القيادة بثقة.
لم يحدث ذلك لأننا أنصتنا لرأي هذا أو ذاك, أو لأننا رأينا تغطية تليفزيونية ممتدة لمسابقة (تور - دي - فرانس) أو للألعاب الأولمبية.
حدث ذلك لأننا جرؤنا على القيام بأول تبديلة. حاولنا وسقطنا وحاولنا, حتى جاء يوم, يكاد يكون إعجازياً, تمكنا فيه من حفظ اتزاننا.
لن ننسى, حتى بعد مرور عشر سنوات أو عشرين سنة دون أن نركب دراجة.هل ذلك قابل للتفسير?
لا.. ليس قابلاً للتفسير. لكننا نعرف كيف نقود دراجة, وهذا شيء مهم, لأننا حينئذ نستطيع زيارة قرية أخرى.. ابتداع طريق.. التخلص من خوفنا واكتشاف كم من الأشياء نشترك فيها (بما في ذلك الدراجات).


 باولو كويلهو Paulo Coelho  :

روائي وقاص برازيلي.  تتميز رواياته بمعنى روحي يستطيع
العامة تطبيقه مستعملاً شخصيات ذوات مواهب خاصة، لكن متواجدة عند الجميع. كما يعتمد على أحداث تاريخية واقعية لتمثيل أحداث قصصه.
ولد في ريو دي جانيرو عام 1947. قبل أن يتفرغ للكتابة، كان يمارس الإخراج المسرحي، والتمثيل وعمل كمؤلف غنائي، وصحفي. وقد كتب كلمات الأغاني للعديد من المغننين البرازيليين أمثال إليس ريجينا، ريتا لي راؤول سييكساس، فيما يزيد عن الستين أغنية.

ولعه بالعوالم الروحانية بدء منذ شبابه كهيبي، حينما جال العالم بحثاً عن المجتمعات السرية، وديانات الشرق. نشر أول كتبه عام 1982 بعنوان "أرشيف الجحيم"، والذي لم يلق أي نجاح. وتبعته  أعمال أخرى، ثم في عام 1986 قام كويلهو بالحج سيراً لمقام القديس جايمس في كومبوستيلا. تلك التي قام بتوثيقها فيما بعد في كتابه "الحج".
حاز على المرتبة الأولى بين تسع وعشرين دولة. ونال العديد من الأوسمة والتقديرات.

وقد باع كويلهو أكثر من 75 مليون كتاب حتى الآن.
وقد أعتبر أعلى الكتاب مبيعاً بــ روايته 11 دقيقة، حتى قبل أن تطرح في الولايات المتحدة أو اليابان، و10 بلدان أخرى.
واحتلت الزهير -2005 المركز الثالث في توزيع الكتب عالمياً.

وتعد الخيميائي ظاهرة في عالم الكتابة، فقد وصلت إلى أعلى المبيعات في 18 دولة، وترجمت إلى 65 لغة وباعت 30 مليون نسخة في 150 دولة.

هكذا بدأت قصة الحب

قصه قصيرة للشاعر سلطان الرواد


فى قديم الزمان حيث لم يكن على الارض بشر بعد كانت الفضائل والرذائل ,تطوف العالم معاً وتشعر بالملل الشديد
ذات يوم وكحل لمشكلة الملل اقترح الابداع لعبة واسماها الاستغماية
احب الجميع الفكرة والكل بدأ يصرخ ..اريد انا ان ابدأ ...اريد انا ان ابدأ
الجنون قال ..انا من سيغمض عينيه ويبدأ العد وانتم عليكم مباشرة الاختفاء
ثم  اتكأ على شجرة وبدأ ....واحد ,اثنين...ثلاثه
وبدأت الفضائل والرذائل بالاختباء
وجدت الرقة مكان لنفسها فوق القمر
واخفت الخيانة نفسها فى كومة زبالة
وذهب الولع بين الغيوم ومضى الشوق الى باطن الارض
الكذب قال بصوت عالٍ .. سأخفي نفسي تحت الحجارة ثم توجه لقاع البحيرة
واستمر الجنون ,تسعة وسبعون ,ثمانون ,واحد وثمانون ...خلال ذلك
أتمت كل الفضائل والرذائل تخفيها ما عدا الحب
كعادته لم يكن صاحب قرار وبالتالى لم يقرر اين يختفى وهذا غير مفاجئ ,فنحن نعلم كم هو صعب اخفاء الحب
تابع الجنون ...خمسه وتسعون سته وتسعون .... وعندما وصل الجنون في تعداده الى المائة
قفز الحب وسط أجمه من الورد واختفى بداخلها
فتح الجنون عينيه وبدأ البحث صائحاً ..انا آت اليكم ....
كان الكسل اول من انكشف لانه لم يبذل اي جهد فى اخفاء نفسه
ثم ظهرت الرقة المتخفية في القمر وبعدها خرج الكذب من قاع البحيرة مقطوع النفس

واشار الجنون على الشوق ان يرجع من باطن الارض
..........
الجنون وجدهم جميعاً واحد بعد الاخر
ما عدا الحب
كاد يصاب بالاحباط واليأس في بحثه عن الحب
واقترب الحسد من الجنون وحين اقترب منه الحسد همس فى أذن الجنون ..قال ..الحب مختفٍ بين شجيرة الورد
التقط الجنون شوكة خشبية أشبه بالرمح وبدأ فى طعن شجيرة الورد بشكل طائش
ظهر الحب من تحت شجيرة الورد وهو يحجب عينيه بيديه والدم يقطر من بين اصابعه
صاح الجنون نادماً .. يا الهي ماذا فعلت بك ؟
لقد افقدتك بصرك
ماذا افعل كي أصلح غلطتي بعد ان افقدتك البصر ؟
أجاب الحب .. لن تستطيع اعادة النظر لي
ولكن لا زال هناك ما تستطيع فعله لاجلي
كن دليلي
وهذا ما حصل ....
 ومن يومها يمضى الحب الاعمى يقوده الجنون
ولهذا عندما نحب احداً نقول له احبك بجنون


سلطان الرواد
شاعر اردني مواليد سنة1979  
كتب هذه القصة  عام   2001  وقد حازت على جائزة أفضل قصة قصيرة على مستوى جامعات الخليج العربي.   

 
 

 


 

العرس وحفلة عيد الميلاد


 قصة قصيرة للكاتب الروسي: دستويفسْكي
ترجمة: سمير كرم



رأيت بالأمس حفلة عرس ، لكنْ لا فالأحرى بي أن أنْبئك عن حفلة عيد الميلاد حفل العرس كان رائعاً لقد أعجبني كثيراً إلا أنّ الحدث الآخر كان أروع إنني لا أعلم لماذا تذكرت حفل عيد الميلاد ذاك بينما كنت أرقب حفل العرس وإليك ما حدث .

في بداية العام الجديد منذ حوالي خمسة سنوات مضت من اليوم
كنت ضيفاً في حفل لأطفال وكان السيد الذي دعاني شخصاً معروفاً في دوائر الأعمال فهو رجل ذا صلات كثيرة وشلة من الأصدقاء والدسائس ومن المفروض أنّ هذا الحفل كان للأطفال لا للآباء ليجتمعوا ويناقشوا المسائل الهامة وكنت غريباً هناك لم يكن لديّ مسائل أناقشها ولهذا كنت منطوياً على نفسي طوال المساء ، وهناك سيد آخر بدا مثلي فهو ليس له أصدقاء أو أقارب لكنْ تصادف أن يحضر هذا المظهر من الابتهاج العائلي وقد جذب انتباهي أكثر من أي إنسان آخر كان رجلاً طويلاً عطوفاً جادّاً حسن الملبس وواضح عليه أنّ ذهنه لم يكن حاضراً ولا مشغولاً بهذه الحفلة ففي اللحظة التي ابتعد فيها إلى ركن في مكان ما وقف مبتسماً وقطّب حاجبيه الأسوديْن الكثيفين ولم يكن يعرف شخصاً في هذا الحفل إلا مضيفه ومن الواضح إنه متضايق بصورة شديدة غير أنه قام بكل شجاعة حتى النهاية بدور إنسان مكتمل السعادة والسرور وقد علمت فيما بعد أنّ هذا السيد قدم من الضواحي وأنّ لديه بعض الأشغال الهامة المعقدة في العاصمة وأنه جاء بخطاب توصية لمضيفنا إلا إنه لم يعطه اهتماماً أبداً بل دعاه فحسْب إلى حفلة أطفاله من باب الأدب الشديد .

لم يلاعبْ أحداً الورق ولم يقدّم له أحد سيجارة ولم يدخلْ مع أحد في حوار ولذلك كان صاحبنا مضطرّاً لأنْ يلتزم الصمت طول المساء ، وإلى جانب السيد الذي كان يشترك على هذا النحو في اجتماع عائلة مضيفنا والد الأطفال الخمسة كان هناك شخص جذب انتباهي إلا إنّ هذا الآخر كان ذا طابع مختلف تماماً اسمه يوليان ماستاكوفتش يستطيع المرء من أول نظرة إليه أن يفهم أنه ضيف الشرف وإنه يقف من المضيف نفس الموقف الذي يقفه المضيف من السيد القادم من الضواحي .
كان المضيف والمضيفة يحيطانه بمظاهر التكريم فقد تفرغا له يملآن كأسه باستمرار ويتذللان إليه ويأتيان بضيوفهما ليقدّماهم إليه بينما لا يُقدّم هو إلى أحد وقد لاحظت أنّ دمعة لمعت في عين مضيفي حينما قال يوليان معلّقاً على الحفل إنه لم يقض وقتاً طيّباً كهذا الوقت .

ولقد أخافني بعض الشيء أن أظلّ في حضرة شخص كهذا ولذلك بعد أن ألْقيت نظرة بهيجة على الأطفال انسحبت إلى غرفة جلوس صغيرة كانت منعزلة تماماً والتمست الأمان في تكعيبة أزهار المضيفة التي كانت تشغل نصف مساحة الغرفة تقريباً .

كان الأطفال كلهم وسيمين بصورة عجيبة وقد رفضوا أن ينضّموا إلى الكبار رغم نصائح مربّياتهم وأمهاتهم فقد التهموا شجرة عيد الميلاد حتى آخر قطعة فيها في ثوان .

ولقد أعجبْت بصفة خاصة بصبي صغير داكن العينيْن مجعد الشعر كان منهمكاً بالتصويب إليّ ببندقيته الخشبية إلا أنّ أروعهم جميعاً كانت شقيقته فتاة في الحادية عشرة من عمرها حلوة كأنها كيوبيد منطوية كثيرة التفكير وشاحبة لها عينان كبيرتان مشغولتان بارزتان ولا بدّ أنّ الأطفال الآخرين أغاظوها ولهذا جاءت إلى غرفة الجلوس حيث كنت أنا وشغلت نفسها في ركْن بعروستها . أما والدها وهو صاحب أرض ثريّ كان يشار إليه من الضيوف باحترام ولقد دار الهمس بأنّ مبلغ ثلاثمائة ألف روبل قد دفعت لها
مهراً ، حملقت خلفي لأنظر إلى الأشخاص الذين كانوا يبدون اهتماماً بهذا الموضوع فوقعت عينايْ على يوليان الذي كان ينصت إلى هذا الحديث التافه بدرجة معيّنة من الحدة ويداه معقودتان خلف ظهره ورأسه مائل قليلاً إلى جانب .

بعد ذلك لم أستطعْ إلا أن أعجب في حكمة مضيفي في توزيع هدايا الأطفال فقد أخذت الفتاة التي كانت قد نالت توّاً مهراً من


ثلاثمائة ألف روبل عروسة فاخرة وبعد ذلك أخذت الهدايا تنخفض قيمتها تبعاً للنزول مراتب آباء كل من هؤلاء الأطفال المحظوظين وفي النهاية لم يعط آخر الأطفال إلا كتاباً للقصص يتكلم عن عظمة الطبيعة وليس فيه صور ولا حتى لوحة وكان هذا الطفل في حوالي العاشرة نحيفاً ، ضئيلاً ، وجهه مليء بالنّمش وأحمر الشعر كانت أمه وهي ارْملة فقيرة مربّية الأولاد في هذا البيت ولذلك كان الصبيّ خائفاً ذليلاً وقد ارتدى سترة من قماش رث . بعد أن تسلّم كتابه حام قريباً من الآخرين ولعبهم كان يريد أن يلعب معهم بلعبهم إلا إنه لم يجرؤ وكان من الواضح أنه أحسّ الآن بوضعه وفهم مكانته .

إنني مغرم جدّاً بمراقبة الأطفال إنّ استجاباتهم الأولى المستقلة للحياة شيّقة للغاية ، لاحظت الطفل الأحمر الشعر مفتوناً جدّاً بلعب الأطفال الآخرين الغالية وبتمثيلهم الذي كان يود بعمق أن يشارك فيه وقد صمم على أن يلعب لعبة صغيرة ما فابتسم وتقدّم نحو الأولاد وأعطى تفاحة ومنديل مليء بالطيّبات لولد سمين بل كان يسمح لولد آخر أن يركب على ظهره لمجرد ألا يبْعدوه عن تمثيلهم إلا أنّ واحداً من السخفاء ضربه بحدة ولم يجرؤْ الطفل على البكاء ثم ظهرت أمه المربّية وأمرته ألا يتدخل في لعبة الأطفال فانسحب إلى غرفة الجلوس حيث كانت الصبية قد ذهبت وسمحت له أن يشاركها في لعبها وبدأ الاثنان يلعبان بعروستها الغالية في انهماك كبير .
وكنت قد جلست تحت تكعيبة اللّبلاب حوالي نصف ساعة أستمع
إلى الحوار الهادئ بين الصبي والصبية بينما كانا يلعبان بالعروسة حين دخل يولْيان الغرفة فجأة إذ أزعجه شجار عنيف بين الأطفال في البهو فاتخذ طريقه في هدوء إلى هنا ولقد لاحظت أنه كان يتحدث في حماس منذ دقيقة واحدة إلى والد عروسة المستقبل الثرية حول تدبير عمل ما لشخص آخر أما الآن فقد وقف منهمكاً في التفكير وبدا كما لو كان يعدّ شيئاً على أصابعه كان يهمس ثلاثمائة ثلاثمائة أحد عشر اثنا عشر ثلاثة عشر وستة عشر خمس سنوات فلنقل إنها سترْبح أربعمائة في خمس سنوات إنه مستمرّ في عدّ ما سيرْبحه من هذه الزيجة انتهى من أفْكاره وحكّ أنفه وكان على وشك الخروج من الغرفة حينما وقع بصره فجأة على الصبية فتوقف ولم يرني خلف النباتات المتسلقة وقد بدا لي أنه اهتاج بشدة وربما كان ذلك بسبب حساباته أو لأيّ سبب آخر لكن أيّاً ما كان السبب فإنه قد حكّ يديْه في قلق ولم يستطع الوقوف ساكناً وزاد هذا التهيّج إلى أقصى حدّ حينما صمت وألقى نظرة حازمة إلى عروس المستقبل وتحرّك للأمام ناظراً حوله أولاً ثم بدأ يتسلل إلى الطفلة على أطراف أصابعه كما لو كان يحسّ بالذنب واقترب منها في تكلّف وانحنى وقبّل جبْهتها فصاحت الصبية بغتة في انزعاج وسأل في همس:

- وماذا تفعلين هنا يا طفلتي الصغيرة العزيزة ؟؟
ونظر حوله وربّت على خدّ الفتاة الصغيرة
- إننا نلعب .
- آه معه؟؟
- وألقى يولْيان نظرة زائغة إلى الصبي ولم يقلْ الصبيّ شيئاً وحملق فيه بشدة فنظر يولْيان حوله ثانية وانحنى على الصبية مرة أخرى وسألها:
- وماذا نلتِ من الهدايا يا طفلتي الجميلة ؟؟
فأجابتْ الصبيّة متجهّمة منكمشة قليلاً:
- عروسة .
- عروسة ، وهل تعلمين ممّ صنعت عروسك يا طفلتي العزيزة ؟؟
وهمست الصغيرة مجيبة:
- لا .
- وأخْفت رأسها تماماً وقال يولْيان:
- من الخرق يا صغيرتي العزيزة .
وألقى إلى الصبي نظرة حادة وقال له :
- يستحسن أن تذهب إلى البهو أيها الصبيّ الصغير لتلْعب مع رفاقك .
فجفلتْ الصبية والصبيّ وأمسكا ببعضهما لم يكونا يريدان أن يفترقا وعاد يولْيان يسأل الصبية خافضاً صوته:
- وهل تعلمين لماذا أعطوك هذه العروسة ؟؟
- لا
- لأنك كنت طفلة حسنة السلوك طوال أسبوع .

وفي هذه اللحظة نظر يولْيان حوله وقد بلغ غضبه أقصاه وسأل أخيراً وهو يتكلم بصوت أخفض لا يكاد يُسمع وكأنه يذوي تماماً من الغضب والضجر:

- وهل ستكونين لطيفة معي يا طفلتي العزيزة حينما سآتي لزيارة والديْك؟؟

وودّ يولْيان وهو يقول تلك العبارة أن يقبّل الطفلة العزيزة مرة أخرى لكنّ الصبيّ أمسك بيدها بين يديْه حينما رأْى أنها توشك على البكاء وبدأ ينشج من شدة تعاطفه معها ولقد غضب يولْيان غضباً شديداً حقّاً
وقال للصبيّ :
- انصرفْ إلى البهو اذهب اذهب إلى الأطفال الآخرين هناك .
فصاحت الصبية:
- لا لا تصرفْه بعيداً اذهبْ أنت .
- ورددتْ من خلال دموعها:
- دعْه يبقى دعْه يبقى .

وسمع شخصاً ما يدخل الغرفة فنصب يولْيان ظهره الضخم فوراً وبدا خائفاً إلا أنّ الصبيّ كان أكثر خوفاً منه فترك الصبية وفي هدوء اتخذ طريقه خارجاً ملتصقاً بالحائط إلى غرفة الطعام .

ولكي يمنع يولْيان أيّ شكّ دخل إلى غرفة الطعام أيضاً وكان محمرّ الوجه وبدا وهو يحمْلق في المرآة الموضوعة في غرفة الطعام إنه يزداد ارتباكاً أمام صورته وربما كان متضايقاً لمظهره القلق الضجر غير العادي وقد تكون الحسابات التي أجراها على أصابعه أثّرت فيه تأثيراً شديداً وأغرته وحيّرته أيضاً لدرجة أنه رغم هدوئه وأهميته تجاسر على التصرف كصبيّ ودخل في الموضوع مباشرة مُغفلاً حقيقة أنّ هذا الموضوع لا يمكن أن يصبح موضوعاً فعليّاً إلا بعد خمس سنوات على الأقل .

تبعْتُ هذا السيد البارز إلى غرفة الطعام وشاهدت منظراً غريباً ، إذ كان يوليان قد تملّكه الغضب والغيظ فعمد إلى إخافة الصبيّ ذا الشعر الأحمر الذي كان يفلت منه بعيداً بعيداً وهو في خوفه لا يدري أيّ طريق يسلك ويقول له في حدّة مكبوتة:
- انصرفْ ماذا تفعل هنا أيها المحتال انصرفْ أكنت تسْرق الفواكه إنك تسْرق الفاكهة هه انصرفْ أيها المحتال أيها الشقي انصرف انصرف إلى رفاقك حاول الصبيّ الخائف وقد قرر في يأس أن يختفي تحت المائدة لكنه أخذ في مطاردته وقد اغتاظ لأقصى حدّ فضرب الصبي بمنديله الأخضر ،
وكم كان المسكين مفزوعاً ،وقد لاحظْ أنّ يولْيان كان بديناً جدّاً بارز البطن له فخذان كبيران وباختصار كان مستديراً كبندقة صغيرة وإنه شابّ سمج محْمرّ الخديْن ويتصبب عرقاً ويزفر مغتاظاً بصوت شنيع وكان حانقاً جدّاً لشعوره الكبير بالإهانة وربما من يدري علّها الغيرة انفجرت في زئير من الضحك فتلفّت يولْيان حوله رغم كل أهميّته كان منهزماً تماماً وفي تلك اللحظة دخل مضيفنا من الباب المقابل فاندفع الصبيّ خارجاً من تحت المائدة ووقف ينفض الغبار عن ركبتيْه ومرفقيْه وأسرع يولْيان يمسح أنفه بالمنديل الذي كان يمسكه من أحد أطرافه ، نظر المضيف إلينا نحن الثلاثة في شيء من الدهشة لكنه لمّا كان رجلاً يفهم الحياة وينظر من وجهة نظر جدية انتهز فرصة وجود ضيفه وحيداً فقال مشيراً إلى الطفل الأحمر الشعر هذا هو الصبيّ الذي تشرفت بأن طلبت منك فقاطعه يولْيان الذي لم يكن قد هدأ بعد
- آه .

- واستطرد المضيف في لهجة الملتمس:
- إنه ابن مربّية أولادي امرأة فقيرة ارملة قسيس شريف فأسألك يا يولْيان إنْ كان ممكناً
- فانفجر يولْيان ليجيب بسرعة
- أه لا لا اعفني يا فيليب الكسينتش هذا مستحيل لقد استعلمت لا توجد وظيفة خالية وحتى لو كان هناك فلدينا أكثر من عشرة متقدّمين أولى منه بالوظيفة آسفْ جدّاً آسفْ جدّاً
فقال المضيف :
-إنّ الصبيّ متواضع وهادئ يا خسارة .
فأجاب يولْيان وهو يزمّ فمه بطريقة هسْتيرية:
- إنه شرّير بصوت بشع على ما أرى وأكمل وهو يلتفت إلى الصبي لماذا تقف هنا اذهب إلى رفاقك.

ولم يستطعْ أن يتمالك نفسه عند هذا الحدّ بشكل ظاهر فحمْلق فيّ بنصف عين ولم أستطعْ أن أتمالك نفسي أكثر من ذلك فانفجرت ضاحكاً مباشرة في وجهه فالتفت يولْيان سريعاً بعيداً وسأل المضيف علناً أمامي من يكون هذا الشابّ الغريب؟؟

وأخذا يتهامسان معاً وتركا الغرفة ورأيت يولْيان يهزّ رأسه في ريبة وهو ينصت لما كان يقوله له صاحب الدار بعد أن ضحكتُ ملء قلبي عدت إلى البهو وهناك كان الرجل العظيم محاطاً بالآباء والأمهات بالضّيوف والضيفات ثم جذبني منظر سيدة ممْسكة بيد الفتاة الصغيرة التي كان يولْيان يتحدّث إليها في غرفة الجلوس منذ عشرة دقائق وأثنى في تلك اللحظة على الطفلة العزيزة وموهبتها ورشاقتها وسلوكها ويشيد بجمالها وكان موضع اهتمام الأمّ بصورة ملحوظة إذ أنصتتْ إليه وتكاد تدْمع عيْناها من الفرح وكانت هناك ابتسامة على شفة الأب إذ إن مضيفنا أفرط في ابتهاجه بل حتى ألعاب الأطفال انتهت لئلا يشوشوا على الحديث وساد الجوّ الاحترام ثم سمعت أمّ الطفلة الجميلة تطلب من يولْيان وبعبارات حسنة أن يجعل لها شرف منح بيتهم صداقته الغالية وسمعت بأيّ ابتهاج رضيّ يولْيان بالدعوة وكيف حاول الضيوف وقد تفرقوا بعيداً في جماعات حسبما تقتضيه قواعد اللياقة واستأنفوا حديثهم بامتداح صاحب الأرض وزوجته وابنته الصغيرة وأكثر من هؤلاء امتدحوا يولْيان .

ووجّهتُ سؤالاً بصوت عال إلى أحد معارفي الذي كان يقف قريباً من يولْيان هل هذا السيد متزوج؟؟

ولمعت عيْنا يولْيان ناظراً إليّ وأجابني صاحبي وقد أزعجه وأحزنه سوء تصرفي الذي قصدْته عمْداً
- لا ...
في يوم آخر بينما كنت أسير أمام الكنيسة فوجئت بجمهرة وزحام كبير كان الجميع يتحدثون عن الزّفاف الذي جاءوا ليحضروه ،
كان اليوم معْتماً قد انتشر فيه الجليد فاتخذت طريقي داخل الكنيسة مع المدعوين ورأيت العريس قصيراً مستديراً ذا بطن منتفخ وهو شاب سمج وكان يصدر الأوامر صارخاً .

وأخيراً سمعت شخصاً يقول لقد وصلت العروس فشققت طريقي ورأيت فتاة رائعة الجمال في مستهلّ شبابها ولقد أضفى الكمال التقليدي لكل لمحة من تقاطيعها الهدوء والاتزان على جمالها لكنّ هذا الجمال كان شاحباً حزيناً وإنها لتبدو مهمومة بل لقد بدا لي أنّ عينيْها محمرتان من أثر دموع حديثة وإنّ هذا الأسى الهادئ القلق الساذج البريء الطفولي كان يتوسل بصمت يطلب الرحمة والخلاص .

لقد قيل إنها في حوالي السادسة عشرة فنظرت إلى العريس متعمّداً وفجأة عرفت فيه يولْيان الذي لم أكن قد رأيته منذ حفل عيد الميلاد أي منذ خمسة سنوات ونظرت إليها يا إلهي إنها هي ، وهنا اتخذت طريقي خارجاً من الكنيسة فسمعت المدعوين يتكلمون إنّ العروس غنية لقد دفع لها مهْراً بمبلغ يصل إلى خمسمائة ألف وجهاز تكلّف كذا وكذا ورحت أفكّر وأنا أغادر إلى الشارع لقد كان حسابه صحيحاً.


فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي (1821-1881):

واحد من أكبر الكتاب الروس ومن أفضل الكتاب العالميين، وأعماله كان لها أثر عميق ودائم على أدب القرن العشرين.
شخصياته دائماً في أقصى حالات اليأس وعلى حافة الهاوية، ورواياته تحوي فهماً عميقاً للنفس البشرية كما تقدم تحليلاً ثاقباً للحالة السياسية والاجتماعية والروحية لروسيا في ذلك الوقت.
العديد من أعماله المعروفة تعد مصدر إلهام للفكر والأدب المعاصر، وفي بعض الأحيان يذكر أنه مؤسس مذهب الوجودية. 
وقد ترجمت اعماله إلى العديد من اللغات وأصبحت افكارها وشخصياتها جزءاً من تراث البشرية الروحي. ان اثمن ما في تراثه هو رواياته، وقد اشتهرت في العالم بصفة خاصة روايتا (الجريمة والعقاب) و (الاخوة كارامازوف) اللتان عبرتا باكمل صورة عن فلسفة الكاتب.
 ولد في اسرة طبيب عسكري ينحدر من فئة رجال الدين منح لقاء استقامته في الخدمة لقب نبيل. وكانت امه تنتمي إلى فئة التجار. وكان أبوه رجلا صعب الطباع وعلاوة على ذلك كان مريضاً بالصرع الذي انتقل بالوراثة إلى ابنه. اما امه فربت فيه المشاعر الدينية العميقة.
 تخرج من كلية الهندسة في بطرسبورغ ، لكنه لم يلتحق بالوظيفة، إذ لمس في نفسه انه اديب بالفطرة.
 ثم تعرف دوستويفسكي بالمثقف الروسي ميخائيل بيتراشيفسكي الذي تجمع حوله اولئك الذين اسرتهم أفكار الفيلوسوف الفرنسي شارل فورييه الاشتراكية ودعواته إلى تغيير المجتمع. وانضم فيودور دوستويفسكي إلى حلقة "زملاء بيتراشيفسكي" الذين اسسوا جماعة شبه سرية. وتمكنت الشرطة من تتبع الجماعة حتى القت القبض على اعضائها في ربيع عام 1849. وحكم على دوستويفسكي بالاعدام، لكنه في آخر لحظة وقبل تنفيذ حكم الاعدام بحقه صدر مرسوم قيصري يقضى باستبدال الاعدام باربعة اعوام من الاعمال الشاقة. وعايش دوستويفسكي عملياً وهو واقف على منصة الاعدام ويتدلى فوق رأسه حبل المشنقة  طقوس تنفيذ حكم الاعدام التي ظلت تلازمه طوال حياته، وقد وصف هذا المشهد الرهيب في روايته "الابله".
 حصل على المجد الحقيقي  بعد وفاته. واعترف الفيلوسوف الألماني  فريدريك نيتشه ان دوستويفسكي كان بالنسبة له سيكولوجياً وحيداً جديرً بالتعلم منه.






Twitter Bird Gadget