الدمية



عاش الأديب العالمي كافكا، قبل وفاته بسنة تجربة جميلة جدًا، كتب عنها. 

في حديقة في برلين لفتت انتباهه طفلة تبكي بحرقة، بسبب أنّها فقدت دُميتها، عرض عليها أن يُساعدها في البحث لكنه لم يجد شيئاً، فاقترح عليها أن ترجع لبيتِها وأن يقابلها في اليوم التالي ليبحثا مجددًا. 
لكن في البيت ، قرّر كافكا أن يكتب رسالة على لسان الدّمية للطفلة، ويسلّمها لها في الموعد لأنّه كان واثقا أنّ الدّمية ضاعت للأبد. 
الرّسالة كانت: 
صديقتي الغالية توقّفي عن البكاء أرجوكِ، إنّي قرّرتُ السّفر لرؤية العالم وتعلٌم أشياء جديدة، سأُخبرك بالتّفصيل عن كلّ ما يحدث لي يوميًا. 
عندما تقابلا قرأ الرّسالة للطفلة التي لم تتوقف عن الإبتسامة والفرحة وسط دموعها.
وهذه لم تكن الرسالة الوحيدة، كانت البداية لسلسلة لقاءات ورسائل بينهما، تحكي فيها الدّمية للفتاة عن مغامراتِها وبطولاتِها بأسلوب مُمتع، جميل وجذّاب. 
بعد انتهاء المغامرات أهدى كافكا للبنت دمية جديدة كانت مُختلفة تمامًا عن القديمة، ومعها آخر رسالة على لسان الدُمية: 
"الأسفار غيّرتني، لكن هذه أنا".
 
كبرت الفتاة و بقيت مُحتفظة بدمية كافكا، إلى أن جاء يوم واكتشفت رسالة أخيرة ثانية كانت مخبّأة في مِعصم دميتها وجاء فيها: 
الأشياء التي نُحبّ معرّضة للفقدان دومًا لكن الحبّ سيعود دومًا بشكل مختلف. 
أنا على يقين أنّ الحبّ الذي أهديناهُ بقلبٍ مُخلصٍ لن يضيع، سيعود إلينا حتمًا. لكن ليس بالضرورة أن ننتظره على ذات الأعتاب الذي بذلناهُ عندها ينبغي ألاَّ ننشغل بالبكاء عليه في حين يتسللُ هو إلى قلوبنا من نافذةٍ أخرى أجمل.


فرانز كافكا 1883-1924 :

ولد في براغ- النمسا.
أديب تشيكي يهودي كتب باللغة الألمانية روايات ومقالات. 

اسلوبه فريد تطغى عليه العبارات الطويلة المعقدة التركيب، لكنها واضحة ودقيقة جداً.
مواضيعه مميزة عن عالمٍ حقيقي لكنه مليء بالأحلام والكوابيس والصراعات النفسيه الداخلية، التي تعبر عن قلق وعزلة إنسان القرن العشرين وتهميشه وتحجيمه.
حياة كافكا الخارجية وإتصالة بالمجتمع حوله كانت عادية جداً.

عكس شخصيات رواياته التي كانت محاصرة إجتماعياً.

Twitter Bird Gadget