قصة قصيرة من الأدب الكرديّ
أشرقت الشمس لتنسج بخيوطها سمفونية ربيعية ساحرة، وجلس الأستاذ (بليمت) إلى طاولة
أمام باب المقهى القريب من داره يتناول قهوة الصباح ويستطلع العدد الجديد من
الجريدة قبل أن يحين موعد محاضرته في الجامعة. وبينما هو منغمس في لذة استكشاف ما
استجدّ من الأخبار، أحسّ بيد تربت على كتفه، فالتفتَ إليها ليجد زميله الأستاذ
(كاميران) وافقاً بجانبه، فطوى الأستاذ (بليمت) جريدته ودعاه على تناول القهوة
معه، فجلس إلى طاولته واسترسل كعادته في حديث صباحي مشوق يفتح الأذواق على رأس
ذلك اليوم الجميل. وبينما هما يقهقهان على أنغام حديثهما غير الجدي، توقف
الأستاذ (كاميران) من قهقهته فجأةً وسادت على إثر ذلك فترة من الصمت استغلها ليحدق
من خلالها بنظراته في الخاتم الكبير الذي يحمله زميله في إحدى أصابع يده اليمنى،
وتساءل مبتسماً: (هل لي أن أعرف سرّ هذا الخاتم الكبير الذي تحمله في إصبعك يا
أستاذ؟ لطالما راودني الفضول في التعرف على قصته)، فردّ الأستاذ (بليمت) مبتسماً:
(إنه هدية من كبير عائلتنا .. إنه يجلب الحظ على حدّ اعتقاده!)، فتعجب الأستاذ
(كاميران) من نبرة زميله في الحديث، وقال : (وهل تؤمن بهذه الخزعبلات يا أستاذ؟
فما عرفناك إلاّ داعياً للتجديد والإصلاح وثائراً على الأسطورة والكذب في هذا البلد، فمنذ أن تمكنَت أناملك مِن التلاعب باليراع وأنت تحارب الرجعية والتخلف في هذا
المجتمع، ومقالاتك ومؤلفاتك التي تسد عين الشمس خير دليل
على ذلك، فأنت تتبنى في كتاباتك ثورة جريئة على الأعراف والتقاليد، فبربّك كيف تدع هذا الخاتم الرجعي يدنّس أناملك التي لطالما احتضنت اليراع المتجدد، فإنني على يقين أنك لا تؤمن بالحظ الذي يجلبه هذا المعدن الأصمّ). فردّ الأستاذ (بليمت) في هدوء: (صحيح أنني لا أؤمن بذلك لكنني أيضاً لا أستطيع أن أخلعه، لا أريد أن أتمرد على عرف العائلة وقوانينها بهذه البساطة !)، فقال الأستاذ (كاميران) : (لكنك تنشد التغيير والإصلاح في كتاباتك ليل نهار، وينبغي عليك أن تضحي قبل الجميع وأن تبدأ بنفسك قبل غيرك. يجب أن تثور على العرف والتقليد الأعمى ليكون فعلك بقدر قولك!)، فابتسم الأستاذ (بليمت) ابتسامة عريضة، ثم قال: (يا صاح .. لي فلسفة في تغيير الناس قلّ أن تجدها عند غيري من دعاة التغيير، فأنا أحياناً كثيرة أرغم نفسي على القبول بأشياءٍ تافهة يؤمن بها الناس مِن حولي وأنا لا أؤمن بها، ليُرغموا – هم أيضاً – أنفسهم على القبول بأشياء عظيمة أؤمن بها أنا وهم لا يؤمنون بها، فهكذا أضغط على زرّ التغيير في المجتمع!!)، قالها ونظر إلى ساعته وهو يضع جريدته على الطاولة، ثم انتفض قائلاً وهو يبتسم: (لقد أخذنا الحديث، فلنسرع قبل أن أتأخر عن تلامذتي).
على ذلك، فأنت تتبنى في كتاباتك ثورة جريئة على الأعراف والتقاليد، فبربّك كيف تدع هذا الخاتم الرجعي يدنّس أناملك التي لطالما احتضنت اليراع المتجدد، فإنني على يقين أنك لا تؤمن بالحظ الذي يجلبه هذا المعدن الأصمّ). فردّ الأستاذ (بليمت) في هدوء: (صحيح أنني لا أؤمن بذلك لكنني أيضاً لا أستطيع أن أخلعه، لا أريد أن أتمرد على عرف العائلة وقوانينها بهذه البساطة !)، فقال الأستاذ (كاميران) : (لكنك تنشد التغيير والإصلاح في كتاباتك ليل نهار، وينبغي عليك أن تضحي قبل الجميع وأن تبدأ بنفسك قبل غيرك. يجب أن تثور على العرف والتقليد الأعمى ليكون فعلك بقدر قولك!)، فابتسم الأستاذ (بليمت) ابتسامة عريضة، ثم قال: (يا صاح .. لي فلسفة في تغيير الناس قلّ أن تجدها عند غيري من دعاة التغيير، فأنا أحياناً كثيرة أرغم نفسي على القبول بأشياءٍ تافهة يؤمن بها الناس مِن حولي وأنا لا أؤمن بها، ليُرغموا – هم أيضاً – أنفسهم على القبول بأشياء عظيمة أؤمن بها أنا وهم لا يؤمنون بها، فهكذا أضغط على زرّ التغيير في المجتمع!!)، قالها ونظر إلى ساعته وهو يضع جريدته على الطاولة، ثم انتفض قائلاً وهو يبتسم: (لقد أخذنا الحديث، فلنسرع قبل أن أتأخر عن تلامذتي).
هوار بلو:
هو طبيب وكاتب كردي عراقي من مواليد محافظة دهوك سنة 1979. تخرج سنة 2004 من جامعة دهوك حاصلاً على شهادة البكالوريوس في الطب والجراحة العامة. له تجربة جميلة في مجال أدب القصة القصيرة، كما يكتب في الفكر الإسلامي المعاصر وله كتابان باللغة العربية... كتب العديد من المقالات الفكرية في الصحف والمجلات المحلية وعبر المنتديات الألكترونية العربية.