السليم....والعاتي

 الكاتبة العراقية:
سنية عبد عون رشو



كلما تبين الخيط الأبيض من فجر يوم جديد... تبدأ رحلته اليومية سيراً على الأقدام .... وتنتهي عند تبرقع الأفق بغلالة سوداء وقت الغروب..... تأبط هذه  المرة كتاب الجغرافية ...صفف شعره بعناية وارتدى أجمل ملبسه .......
ليس مجنوناً بالتأكيد .....تُنبئ أوراقه الصحية إن لديه تأخراً في استلهام شتى المعارف.
تلح أمه بسؤالها....... يكتفي بالإشارة بيده صوب وجهته ...... يقصد قرية مجاورة لمدينته ....هناك في هذه القرية شيء ما يشعره بالراحة وقوة تسحبه  بعذوبة حميمة
يعبر جسراً حديدياً لعبور المشاة يفضي به لتلك القرية ...وقد
نصّبته دورية من قوات التحالف أمام مقرها الرئيسي ..... ولكن بعد خروج هذه القوات ...... علقوا فوق الجسر يافطة بخط كبير (جسر الشهيد ..........)..!!
تقرفص تحت ظل شجرة توت كبيرة .... ملتقى شباب القرية ولعبهم فوق الحشائش الندية ...... وعيناه تترقبان طلّتها من دارها .......
سامية التي تعود على رؤيتها ....تزرع ابتسامتها وروداً في أحلامه فهو لا يميل لصبية سواها..... ولا يشعر بالخجل إلا أمامها ....
وحين تراه ترفع يدها بإشارة له ان يقترب ......يهرع إليها كطفل خجول ....تداهمه جمل كثيرة يرغب ان يبوح بها.... لكنه حين يقابل عينيها يضيع منه الكلام.
يبادرها بالقول...... سامية أنت جميلة ......
تطلق ضحكتها الرقيقة ....ثم تجيبه ......أدري
أحضرت لك كتاب الجغرافية فلا تحزني لضياع كتابك القديم .....
شهقت واندهشت .....وكيف حصلت عليه ......؟؟؟
يسرد لها مغامرته بروحه المرحة وهي تطلق ضحكاتها ....كأن وقعها لروحه أغنية الحياة السرمدية والمطر .....
سامية .... فتاة قروية مرهفة الإحساس قوية الإرادة .... يتمنى معظم شباب القرية رضاها .....لكنها لم ترض بأحدهم زوجاً لها فهي تطمح لإكمال دراستها رغم إلحاح أسرتها لتزويجها .....تتحمل أعباء عملها في المزرعة والبيت إرضاءاً  لأبيها بعد ان تعرضت أمها لمرض أقعدها عن العمل ....
يقطع برهم تلك المسافات من أجلها....يعرفه أهل القرية .....ويعرفون قصته ....يشفقون لحاله .....يرفرف قلبه بفرح غامر حين يكون بينهم وينطلق لسانه ببراءة محببة حانية وهذا ما يشفع له بين شباب القرية ورجالها ......
سامية منشغلة عنه خلال موسم حصاد الذرة ....وهو يتمنى ان يسمع ضحكتها التي أحبها ....يروي لها قصصاً وحكايات مثيرة وغريبة برأيه ......وهي تضحك مع رفيقاتها ....لكنها تحاول أبعاده بعد حضور أبيها ...
تلمع فكرة برأسها ....فتناديه :... برهم ....ألا تذهب الى سوق المدينة من أجلي.... إني بحاجة لمشبك لشعري على شكل وردة
متفتحة ويكون لونه أبيض فهو يفيدني في المدرسة.....
كان طلبها بمثابة الغيث الهاطل من السماء الذي يعمّد روحه بقدسية شفيفة ....... فهي تحبه أذن ......ينطلق هائماً بين السماء والأرض ....
تطلق عبارات التأسي والتأسف نحوه مع رفيقاتها .....فتعلق أحداهن..... مسكين برهم والله يحبك هل تعرفين ذلك .....؟؟
تتنهد سامية بعمق والحزن باد على وجهها .....نعم .....مسكين برهم .....أنا أحبه وأعطف عليه فحالته المرضية تشبه حالة أخي الذي غرق بالنهر ......فقد كنت معه .....ولم أنتبه ساعتها لانشغالي باللعب واللهو حيث كنت في العاشرة من عمري ....وهذا ما يحزنني الى هذا اليوم ....
يشتري برهم مشبكاً لشعرها ...... ثم يعود مسرعاً ..... عليه ان يقطع عشرة كيلومترات ذهاباً وإياباً .....لكنه يفاجأ بقرار منع التجول من قبل قوات التحالف .....
تمنعه أمه بشتى الوسائل .....يستسلم لإغفاءة القيلولة بنوم مضطرب .... فيرى كابوساً مرهقاً لروحه جعله يشعر بالاختناق .....يجفل مرعوباً مصفر الوجه .......
يتمتم بعبارة واحدة ......سامية تنتظرني .....
ومن سامية هذه ....؟؟ تتساءل أمه وهي تمنعه بقوة وإصرار....ألا تعرف ما معنى ممنوع أيها الأحمق .......؟؟....ثم تحاول الإمساك به وإقناعه بالبقاء لكنه يقاومها بشدة ثم ينفلت مسرعاً ومهرولاً ..... والمشبك بين يديه داخل كيس أزرق .....يقلبه بين الحين والحين ثم يهمس .....يا ربي ترضى عنه ....
يجد الطريق فارغاً إلا من سيارات الشرطة .....
فيطلقون صافرة الإنذار عند رؤيتهم له يهرب خائفاً ويختبئ بين الأشجار ثم ينزوي خلف أحد البيوت في مكان تكدست فيه بعض الأجهزة الكهربائية القديمة والصناديق الفارغة وثلاجة كبيرة تآكلت قاعدتها فأنزوى خلفها وأخذ يراقبهم بين الحين والآخر .....حتى جن الليل وأرخى سدوله ....خرج مسرعاً وأتجه صوب القرية .....قطع ثلاثة أرباع المسافة .....غير مبال بالأدغال التي توخز ساقيه وقدميه الحافيتين ....توقف قليلاً ليسترد أنفاسه وهو يلهث .....ثم يجمع أطراف دشداشته ويمسكها بقوة بإحدى يديه .....تفحص الطريق يميناً وشمالاً فلم يرَ شيئاً ......عاود الجري ....رغم توجسه من الظلمة الموحشة وسماعه عواء الكلاب.....
أصبح على مشارف القرية ......لاحت له عن بعد سياراتهم قابعة على حافتي الطريق ....توقف عن الجري ....فانحدر باتجاه آخر...ولأول مرة في حياته يشعر بخوف شديد ....ويعرف انهم أولئك الغرباء الذين تتحدث كل المدينة عنهم.... عليه ان يفر من
أمامهم لكنه أدرك انه مهما بذل من جهد وحيلة فهو محاصر بسياراتهم وضجيج صافراتهم ....سمع صراخ أحدهم قائلا:.....ستوب ....
كان عليه ان يرفع يديه ويتوقف عن الحركة .....لكنه لا يفهم هذه الآلية المطلوبة..... في هذه الليلة التي لا تشبه لياليه ....فتخبط بمشيته ثم لاذ فاراً ....
أطلق أحدهم رصاصة نحوه..... اخترقت أضلاعه ......سقط وهو يحتضن مشبك شعرها .....وقد اصطبغ بلون الإرجوان من دم رئته اليمنى .. وكان الدم يعمّد نهاية قصة حب لم تبدأ بعد....
شعر براحة تسري في عروقه .....
فمضى يغمغم .....المهم لقد اوصلت لها كتاب الجغرافية وهو بحوزتها الآن.....



سنية عبد عون رشو:

مواليد 1956 - العراق - بابل - المسيب
كاتبة قصة قصيرة 
عضو اتحاد ادباء المسيب
عضو اتحاد ادباء العراق 



المسوِّف

الترجمة عن التركية بتصرف:
 د. سمير زهران، أديب إبراهيم الدباغ


أكثر من مرة تثاءب، تمطَّى، فرقع أصابع يديه، فرك عينيه.. وهمّ بالنهوض وتركِ الفراش.. غير أن شيئاً ما كان يمسك بتلابيبه ويمنعه من الحراك.. أُوه.. هذه أمي.. أسمع وقع خطواتها على السلّم.. وكالعادة ستنهال عليّ توبيخاً وتوقر سمعي بمواعظها.. ما أطيبَ الفراش وما أطيب الدفء الذي يشيعه في نفسي وجسمي..

 

ها هي تقف قبالة سريري:
- انهض يا بنيّ.. ما هذا الكسل؟ نحن الآن في الظهيرة.. أنسيتَ أم أرى أنك تتناسى.. الامتحانات على الأبواب.. قم وذاكر دروسك يكفيك كسلاً…
- حسناً يا أمي استمعتُ إليكِ.. اتركيني الآن، دعيني أكمل نومي، وسأنهض بعد ذلك وأذاكر كما تريدين!..
عادة "التسويف" هذه صارت طابع حياته، لم يستطع نبذها وراء ظهره حتى وهو طالب جامعي، حيث كانت سبباً في تأخره عن زملائه في كل شيء. وفي أحد الأيام رجاه أحد زملائه أن يصحبه إلى الجامع لأداء فريضة الجمعة، فوجئ بهذا الرجاء. وعلى الرغم من أنه يدرك أن "الموت" إذا جاء فلا يمكن أن يقول له: انتظر قليلاً، أو من فضلك تعالَ غداً حتى أستعدّ لاستقبالك.. فقد ردّ على زميله:
- اذهب أنت اليوم، ولكني أعدك أني سأباشر الصلاة في وقت لاحق وربما أصطحبتك وقتذاك إلى الجامع…
وغادر كليته بعد فشله سنتين متتاليتين، وهام على وجهه لا يدري ماذا يفعل، ولكن واحداً من زملائه اصطحبه إلى صديق له من رجال الأعمال ورجاه أن يلحقه بعمل ما ليعتاش منه.


مضت الأيام والسنون فإذا به يتزوج ويرزق بأطفال يقوم بتربيتهم ورعايتهم. وحين نصحه صديقه أن يزيد من اهتمامه بأطفاله ويوجههم الوجهة الحميدة تعلّل -كما هو شأنه دائماً- بأن أطفاله لا زالوا صغاراً وأنه سيفعل ذلك عندما يكبرون قليلاً.

وعندما كبر هؤلاء الأطفال وباتت تؤرقهم أسئلة كثيرة لا يعرفون جواباً عنها، ويسألون ويلحون بالسؤال على والدهم، اكتشف الوالد نفسه، وعرف أنه لم يكن على دراية ليجيب أولاده عما يختلج في أذهانهم من إشكالات في الدين والحياة، وأنه خالي الوفاض لا يكاد يعرف شيئاً مما ينبغي أن يعرفه كلُّ أب للأخذ بأيدي أبنائه إلى الطريق المستقيم. لم يجد بداً من التردد على المكتبات والاستعانة ببعض الكتب التي يمكن أن تزوده بما هو يفتقر إليه من علم وثقافة. اختار بعضاً من هذه الكتب وأراد أن يدفع أثمانها، توقف قليلاً وتردد وقال في نفسه: "إن ما معي من النقود لا تغطي ثمن هذه الكتب، إذن سأشتريها عندما تتوفر لي النقود اللازمة"، ثم ترك الكتب ومضى لشأنه. وعندما توفرت له النقود لم يخطر بباله العودة إلى المكتبة واقتناء الكتب التي اختارها في المرة الأولى.

وبعد فترة طويلة، وبينما كان ذاهباً لعمله، شاهد متسولاً معاقاً، وفكر في إعطائه بعض النقود إلا أنه قال في نفسه: "أستطيع أن أعطيها له عند العودة".

وبينما كان يقترب من عمله سمع صوت المؤذن، وكان أحد أقربائه قد توفي.. اغتم من داخله وفكر قائلا: "إن الموت سوف يصيبني ذات يوم، والعمر يمر بسرعة.." ثم سأل نفسه: "ألم يحن الوقتُ بعدُ لدفع متطلبات روحي المعذبة؟".. كان رده بلا تردد: "نعم، ولكن المشاغل في هذه الفترة كثيرة للغاية، ليأت فصل الصيف ونتخفَّف من مشاغلنا عندها نفكر، كما أن أيام الله لا تنتهي"!
وبينما كان يمر في طريقه بين الأكواخ أثناء العودة من العمل
شعر في داخله بمرارة، وتذكر سنوات المشقة، "يا إلهي! ما سبب تلك الدموع؟".. لم يتحمل ثقل المشاعر أكثر من ذلك، ففاضت عيناه بالدموع، وعندما نفدت طاقة تحمله جثا على ركبتيه واستمر في البكاء.
وتصدعت روحه بأحاسيس لا يمكن وصفها.. مسح عينيه وتمتم قائلاً: "لعلي أستطيع تدوين هذه المشاعر والأحاسيس على الورق لأنها تشكل صفحة مهمة من تاريخ حياتي" ولكنه أردف يقول: "ذات يوم سأفعل ذلك".
كان يوماً يساوي ألف شهر، ولكن عليه أن يعلم أنه لكي يتمكن من الوصول لذلك اليوم، يجب أن يعرف قدر كل يوم، وأن يبذل جهده في كل خطوة.
وذات يوم خرق صوت المؤذن سكون الحي، فأقبل الأصدقاء من كل مكان حتى امتلأ صحن المسجد بهم لحضور صلاة الجنازة. كان معروفاً لدى أهل الحي.. ذاك الرجل الذي فقد حياته أثناء
ذهابه لعمله نتيجة ارتطامه بسيارة كان يقودها سائق مستهتر.. اصطفوا للصلاة عليه، وأثناء الصلاة فكر صديق له كان يحبه وينصحه دائماً بأن لا يؤجل عمله لغد.. ذكر الرجل الذي لم يعط لأيامه أهمية وأمضاها بقوله دائماً: "يوماً ما".
وعندما بدأت الجماعة في التفرق اقترب صديقه من التابوت، ووضع يده عليه بالرغم من نظرات الإمام وهمس قائلاً: "أواه يا صديقي ألم تكن تعلم أن الموت يطاردنا وأنْ لا مناص منه، وها أنت اليوم تلقاه كما سنلقاه نحن من بعدك"..


رمضان كربتن:
كاتب ومؤلف تركي

الكف والطبلة


ضربت بكفك الطبلة حتى احمرت الكف. ضربتها بعنف وشراسة حتى أصاب الخدر اليدين. خدر لذيذ سرى في كامل بدنك كلسعة كهرباء خفيفة. بعدها، والعرق يبلل جبينك ويسيل على عنقك عدت
تدريجياً إلى رقتبك وأنت تعالج جلد الطبلة بحذق الفنان، فيخرج اللحن الطروب من بين أصابعك كالحلم الدافئ في ليلة شتاء.
وتتصايح النسوة فرحات، ويهللن، ويدخلن حلبة الرقص مثنى وثلاث ورباع، يحركن أردافهن في كل الاتجاهات، ويلعبن بالصدور بمهارة، ويستعرضن زينتهن: حناء منقوشة ملء الكفوف، وأحمر على الشفاه، والعيون غطاها الكحل، والأفواه مدبوغة بالسواك. وهن يتدافعن ويتضاحكن ويتلامسن ويتهامزن ويتغامزن

ويتساقطن مرة على الطبل ومرات في حجرك. يبطئن لحظات، ثم يهربن خفيفات كرف الحمام.
وأنت ترى بعقلك كل شيء. تسجل في دماغك الأصوات والحركات، وتحلم بامتلاكهن. تقول لنفسك:
- هذه سمينة رجراجة تحذق الرقص، وتحذق أشياء أخرى لا محالة.
- وهذه الطفلة مازالت في بداية الرحلة إلا أنها نجيبة. أسمع دق قدميها على الأرض منغماً، وتحريك يديها متزناً، وعطرها لذيذ
- وهذه رقيقة كظل شجرة ياسمين...

وتفوح روائح الند والبخور وعود القماري والجاوي والكمون، وتعلو الزغاريد.... فيلكزك صديقك صاحب المزمار، فتفهم أن اللحن قد اختل، وأنك قد سرحت بعيداً بخيالك المجنون، فتعود للطبلة تضربها بالكف... تضربها حتى يصيب يديك الخدر.
ويعم الهياج من جديد حلبة الرقص، تستغل فرصة عدم انتباه النسوة، وترفع يدك إلى وجهك تغطي بالنظارة السوداء روحك الميتة.


ابراهيم درغوثي ( 1955):
 هو قاصّ وروائيّ تونسي. عضو الهيئة المديرة لاتّحاد الكتّاب التّونسيّين، ورئيس فرع اتّحاد الكتّاب التونسيين بقفصة.



حصل على جوائز عديدة منها:
  • جائزة الطاهر الحدّاد في القصّة القصيرة 1989.
  • الكومار الذّهبي جائزة لجنة التّحكيم (1999) عن مجمل أعماله الرّوائية.
  • الكومار الذّهبي لأفضل رواية تونسية 2003 عن رواية وراء السّراب قليلاً.
  • جائزة المدينة للرّواية 2004 عن رواية مجرّد لعبة حظّ.
  • جائزة القدس الكبرى للقصة القصيرة / أبوظبي 2010

الإصدارات:

ـ النخل يموت واقفاً ـ قصص، دار صامد للنشر 1989
ـ الخبز المر ـ قصص، نفس الدار سنة 1990
ـ الدراويش يعودون إلى المنفى ـ رواية رياض الريس بيروت لندن 1992
ـ القيامة الآن ـ رواية ، دار الحوار سوريا 1994
ـ رجل محترم جداً ـ قصص، دار سحر 1995
ـ شبابيك منتصف الليل ـ رواية 1996
ـ وراء السراب قليلاً ـ رواية،2002
ـ أسرار صاحب الستر ـ رواية 2002
ـ مجرد لعبة حظ ـ رواية، 2006
منازل الكلام - مجموعة قصصيّة، 2009





حكاية السنونو ..




في يوم من الأيام ،عشق أحد طيورالسنونو رجلاً.
وقف ذات يوم عند شباكه وقال له :
 أنا أحبك كثيراً، فالرجاء فتح النافذة لأدخل ونعيش سوياً في هذا

البيت.
قال له الرجل : هذا غير ممكن لا أستطيع إدخالك، ما أنت سوى طائر، فهل يعقل أن يحب طائرٌ إنساناً ؟!

كرر 
السنونو على الرجل قائلاً :
أرجوك إفتح النافذة لأدخل ونعيش سوياً.
ثم نكون أصدقاءً فلا تشعر بالوحدة، ونمضي العمر معاً.
و كرر الرجل الجواب ذاته.

وللمرة الثالثة والأخيرة نادى 
السنونو على الرجل: أرجوك دعني أدخل، فقد بدأ موسم البرد، وكما تعلم أنني أعيش في الأماكن
الحارة فقط ! وإلا سوف أضطر للرحيل الى بلاد حارة.
فلذلك أدخلني بيتك نعيش هنا، نأكل مع بعض، أقف على كتفك ألاعبك، فأنت مثلي هنا وحيداً وتحتاج الى من يمنحك الحب والحنان.
قال له الرجل: أغرب عن وجهي الآن، فأنا أريد أن أبقى وحيداً وطرد 
السنونو!

وعندما سمع 
السنونو هذا الجواب من الرجل طار وحلق عالياً ورحل بعيداً.

وعندما ابتعد ، فكر الرجل في حاله وقال:

كم أنا مغفل! لماذا لم أفتح النافذة وأدع 
السنونو يدخل ونعيش معاً!

وندم ندماً كبيراً على فعلته هذه، ولكن هل ينفع الندم بعد الآن.

وأصبح يقول في قرارة نفسه: على كل حال غداً يعود الدفء ويرجع 
السنونو. وأفتح له النافذة ونعيش معاً بسعادة وهناء.

وفتح نافذته على مصراعيها وبدأ الإنتظار.

وجاء موسم الصيف وبدأت أسراب 
السنونو تتوافد على البلاد، ولكن طائره لم يأت معهم!

واستمر بفتح نافذته طيلة موسم الصيف ولكن دون جدوى.
طائره لم يكن معهم ..

سأل عنه أسراب 
السنونو، لكن لم يشاهده أحد .

وفي النهاية قرر أن يستشير أحد العارفين بالطيور عن هذا الوضع، وبعد أن شرحه له، قال له العارف:

إن عمر طيور 
السنونو ياصاحبي ستة أشهر فقط!
Twitter Bird Gadget