ثلاثة لصوص

ذات زمنٍ بعيد، اقتاد فلاح حماراً وعنزة إلى المدينة ليبيعهما.
فشاهده لصوص ثلاث وهو يمر.
فقال الأول: سأسرق العنزة، دون أن يحس الفلاح بذلك.
وقال الثاني: وأنا... سأنتزع منه حماره.
أما الثالث فقال: هذا ليس صعباً أيضاً. أما أنا فسأعرّيه من ثيابه.

اقترب اللص الأول خفية من العنزة، ونزع الجرس المعلق برقبتها، وربطه بذيل الحمار، واقتادها إلى أحد الحقول.
عند منعطفٍ في الطريق، ألقى الفلاح نظرة خاطفة وراءه، فرأى أن العنزة قد اختفت؛ فانطلق يبحث عنها.
اقترب منه اللص الثاني وسأله عمّ يبحث. أجابه الفلاح أن عنزته قد سُرقت.
قال له اللص: عنزة!؟ رأيتها منذ لحظة فقط، هنا في هذه الغابة. رأيت رجلاً يمر وهو يركض ومعه عنزة. ومن اليسير اللحاق به.
جرى الفلاح للحاق بعنزته، بعد أن طلب من اللص أن يمسك بحماره. فساق اللص الثاني الحمار.

عندما عاد الفلاح من الغابة إلى حماره، رأى أن الحمار قد اختفى أيضاً! فانفجر باكياً وتابع سيره.

شاهد في طريقه، على حافة مستنقع، رجلاً جالساً يبكي، فسأله عما به.
أجاب الرجـل أنـه كُـلـف حـمـل كـيـس مملوء ذهبـاً إلى المدينة، وأنه جلس على حافة المستنقع ليستريح، وأنه صدم الكيس وهونائم، فسقط في المـاء.
سأله الفلاح لماذا لا ينزل إلى الماء لانتشاله.
أجاب الرجل: إني أخاف الماء، ولا أعرف السباحة. لكني سأهب عشرين قطعة ذهبية لمن ينتشل لي كيسي.
ابتهج الفلاح وحدث نفسه "إن الله قد خصني بهذه النعمة ليعوضني عن فقدي عنزتي وحماري".
فخلع ثيابه ونزل إلى الماء. لكنه لم يجد كيساً مملوءً بالذهب. وعندما خرج من الماء لم يعثر على ثيابه.
كان ذلك من فعل اللص الثالث الذي استطاع أن يسرق حتى ثيابه!




منقولة بتصرف

ليو تولستوي
الكونت ليف نيكولايافيتش تولستوي (1828-1910) واسمه الأدبي ليو تولستوي.
 أحد أعمدة الأدب الروسي في القرن التاسع عشر والبعض يعده من أعظم الروائيين على الإطلاق.
أشهر أعماله روايتي الحرب والسلام وأنا كارنينا.
فيلسوف أخلاقي اعتنق أفكار المقاومة السلمية النابذة للعنف وتبلور ذلك في كتاب مملكة الرب داخلك. وهو العمل الذي أثر على مشاهير القرن العشرين مثل مهاتما غاندي ومارتن لوثر كينغ في جهادهما الذي اتسم بسياسة المقاومة السلمية النابذة للعنف.
كانت الثلاثين سنة الأخيرة من حياته الطويلة مليئة بالقلق المتزايد، فقد كان يبحث للعثور على إجابة عن مشاكل البشرية، وكان يريد مساعدة الفقير والضعيف، وأعلن الثورة على العنف والحرب، وعلى رياء الرجال المحيطين به، واصطدمت مثله العليا بتقاليد أسرته، وأخيرا قرر الهرب من موطنه، وقد لحقت به أبنته بعد ذلك، ولكن هروبه من مسكنه وأسرته أثر على صحته التي كانت سيئة بعض الوقت، وحتى في شيخوخته كان متماسكا، وقوي الذاكرة دون أن تضعف رؤاه، إلا أنه وفي توجهه لزيارة شقيقته في ديرٍ كانت هي رئيسته، في 20 نوفمبر 1910 مات من الالتهاب الرئوي في محطة قطار وعلى ما يبدو بسبب البرد الشديد. وكان قد بلغ من العمر 82 عاماً.

دفن في حديقة قرية ياسنايا بوليانا (روسيا القيصرية). وكان قد أمضى تولستوي الساعات الأخيرة في الوعظ بالحب واللاعنف.

Twitter Bird Gadget