الشيخ والبحر ل ارنست همنجواي


The Old Man and the Sea


كان يا ما كان...
كان هناك رجل عجوز، يتجول وحيداً في مركبه يصطاد في مياه غولف ستريم (كوبا) .....
سانتياغو صياد متقدم في السن ولكنه لا يزال متمتعاً بحيويته ونشاطه. كان لا يزال في زورقه وحيداً ساعياً إلى الصيد، وقد مضى 84 يوماً ولم يظفر ولو بسمكة واحدة. رافقه في الايام
الأربعين الأولى ولد صغير كان بمثابة مساعد له، كان الصبي يحب العجوز كثيراً ويحب خدمته ورعايته.
قال أبوا الغلام لابنهما ان الشيخ منحوس نحساً لا ريب فيه وامراه ان يعمل في قارب آخر ما لبث أن فاز بثلاث سمكات رائعات من الاسبوع الاول لعمله معه. وأشد ما كان يؤلم الغلام رؤية العجوز راجعاً إلى الشاطئ، في مساء كل يوم، وزورقه فارغ من الاسماك، ولم يكن يملك إلا أن يسرع إليه ليساعده في لملمة حباله، وحمل عدة الصيد وطي الشراع حول الصاري. وكان هذا الشراع يبدو وكأنه علم أبيض يرمز إلى الهزيمة السرمدية التي طال امدها.

وفي يوم خرج العجوز من ميناء هافانا بقاربه قبل بزوغ الشمس وتوغل في البحر عازماً على الوصول لمنطقة لم يصل لها من قبل، فهو ينشد اصطياد سمكة كبيرة ليجني ربحاً كبيراً وسيعيد له كبرياءه كرجل وكصياد...
بعد أن جذف كثيراً وتوغل في البحر أكثر رأى أحد الحبال يتحرك وتتعلق بخطافه سمكة عملاقة، لكنها لضخامتها لم يستطع العجوز
أن يرفعها وإذ بها تسحب هي المركب وتسبح به بعيداً... طال الوقت والسمكة ما زالت منطلقة... لف العجوز الحبل على كتفه لئلا يُفلت السمكة.
أبصر من بعيد أضواء مدينة هافانا فأدرك أن التيار يتجه صوب الشرق. وقد كان العجوز يحادث نفسه بصوت عال ما دام وحده.
ويقول: لو كان الصبي معي في هذه الرحلة، إنني لم اظفر بمثل هذه السمكة في حياتي... إنها تستطيع أن تدمرني إذا قفزت، ولكن كيف لها أن تعرف أنني رجل عجوز......
كانت السمكة تراوغ وتناور وتدور، وكان بعد كل دورة يسترد أجزاء من الحبل أكثر فأكثر. كان واثقاً أنه بعد دورتين أخريين سيجد الفرصة ليطعنها بالرمح الذي أعده منذ وقت طويل.
....
ويصارعها عدة أيام وليال وتأخذه بعيدًا عن الشاطئ.....
.....
نال منه التعب ما نال وجف ريقه والسمكة مازالت في دورانها. كان كلما حاول جذبها لكي يضربها تبتعد في هدوء دون أن
يستطيع الوصول إليها. بعد دورات كثيرة، استجمع العجوز قوته واقترب منها ممسكاً بالرمح وحين مرت أمامه رفع الرمح عالياً وطعنها به فنفذ الرمح في السمكة خلف الزعنفة الكبيرة وانحنى العجوز على الرمح بكل ثقله فتوغل الرمح في لحمها عميقاً ...

اضطربت السمكة وقفزت وسقطت في الماء محدثة ضجة عالية وانبعث رذاذ الماء ليغطي العجوز والمركب كله. شعر العجوز بالدوار.. شاهد السمكة مستلقية على ظهرها وقصبة الرمح بارزة منها وتحول لون الماء إلى اللون الأحمر. بسبب الدم الغزير الذي سال منها.. كانت السمكة طافية مع الأمواج..
قال لنفسه: ينبغي أن أستعد للعمل الآن فأربطها للمركب وأبحر إلى موطني.

تأمل العجوز السمكة الكبيرة، انها غنيمته الغالية وظل في سعادته
ساعة قبل أن تلطم فرحته أول سمكة من أسماك القرش..!!
لقد أثارتها سحابة الدم التي انسابت من السمكة الضخمة وانتشرت على عمق ميل تقريباً فأسرعت القروش بالصعود بلا حذر وبقوة. كان القرش المهاجم قوياً ومن النوع الذي لا يرهبه شيئاً ... 

أخذ العجوز يعد رمحه الذي أصبح حبله قصيراً بعد أن قطعه ليربط به السمكة. كان العجوز يعلم أن أمله ضعيف، خاطب نفسه قائلاً: ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل..!

هجم قرش آخر ونهش من جسد السمكة في نهم.. استعد العجوز وحين اقترب القرش مرة أخرى طعنه بالرمح طعنة قوية. علم العجوز أن القرش قد مات لكنه كان قد تناول ما يقرب من أربعين رطلاً من اللحم بل وأخذ الرمح معه مغروساً في رأسه. وأخذت دماء السمكة تسيل بغزارة لتجتذب أسماك قرش أخرى..
كانت آماله تضيق لكنه قال لنفسه: فكر في شيء بهيج أيها العجوز فكل دقيقة تمر تقترب من البيت وأنت تبحر خفيفاً بعد أن فقدت السمكة بعض وزنها.

تطلع العجوز إلى رأس السمكة وأخذه التفكير بينما المركب منطلق في هذا الطقس المنعش وعاوده بعض الأمل فقال لنفسه: نعم إن اليأس خطيئة..!

كادت أعضاؤه تتجمد من شدة برد الليل وآلمته جروحه بل كل أجزاء جسمه بسبب هذا المجهود الخارق الذي قام به. لمح وهج بعض الأضواء من بعيد فانتعش بعض الشيء، لكن مجموعة
أخيرة من القروش هاجمت المركب وأتت على ما بقي من السمكة ولم تجد مقاومته لها نفعاً فعاد العجوز بمركبه خفيفاً وقد تجمدت مشاعره.. لقد غلب على أمره في النهاية.
عاد للشاطئ وربط المركب وحمل الصاري، لم يكن أحد على الشاطئ ليراه وكان التعب قد هده وكاد يسقط لكنه استراح في الطريق عدة مرات حتى وصل لكوخه القديم .....

جاء الصبي في الصباح فنظر من النافذة وحين لمح يدي العجوز وما أصابهما بكى. انطلق ليأتي له بالقهوة وبعض اللبن ورأى الصيادون هيكل السمكة الناصع وأخذ بعضهم يقيس طولها. عاد الصبي للعجوز بالقهوة وأخذا يتحادثان. كان الصبي قد قرر أن يصيد مع العجوز بعد ذلك ويترك من يعمل معه حتى ولو رفض والداه وقال:
أمامي الكثير الذي أتعلمه منك..
انصرف الصبي وواصل العجوز نومه ليستريح بعد رحلته الشاقة.


قصة فلسفية رمزيه من أدب البحر. وقد جسّد الكاتب فيها منظوره ورؤيته للحياة. وصراع الصياد وسط البحر ليس الا رمزاً لصراع الانسان في هذه الدنيا، كما يمكننا القول انه صراع من أجل البقاء، صراع بين الانسان وقوى الطبيعة.
انها رحلة الحياة حيث يجب أن يؤمن الإنسان على متنها بالقدرات الكامنة والخارقة المتواجدة داخله، وتظهر لك قوة الإنسان وتصميمه وعزمه على نيل أهدافه والوصول إلى ما يصبو إليه وامكانية انتصاره على قوى الطبيعة، وهكذا أكدت الرواية بحزم ان الرجال لم يخلقوا للهزيمة وقد يهلك الرجل دون أن يهزم، فلا مكان لليأس إنها لحماقة إن يستولي اليأس على
الإنسان. 
تعد رواية العجوز والبحر بين أعمال هيمنجواي ذروة نضجه الأدبي والفني، وقد أثنت عليها لجنة نوبل خاصة، وقد نال عليها عام 1952 جائزة بوليتزر قبل نوبل بعامين.
ترجمت الرواية الى معظم لغات العالم. وحوّلها المخرج جود تايلور عام 1990 إلى فيلم هوليودي، وقام ببطولته انطوني كوين.



إرنست همينغوي Ernest Hemingway:

(1899 - 1961) كاتب أمريكي يعد من أهم الروائيين وكتّاب القصة. كتب الروايات والقصص القصيرة. عمل على تمجيد القوة

النفسية لعقل الإنسان في رواياته، غالباً ما تصور أعماله هذه القوة وهي تتحدى القوى الطبيعية الأخرى في صراع ثنائي وفي جو من العزلة والانطوائية. شارك في الحرب العالمية الأولى والثانية حيث خدم على سفينة حربية أمريكية كانت مهمتها إغراق الغواصات الألمانية، وحصل في كل منهما على أوسمة حيث أثرت الحرب في رواياته.

عاش هيمنغواي حياة اجتماعية مشاغبة، تزوج أربع مرات وكانت له عدة علاقات عاطفية، وولع غريب بمصارعة الثيران.
تميز أسلوبه بالبساطة والجمل القصيرة. وترك بصمته على الأدب الامريكي الذي صار هيمنغواي واحداً من اهم أعمدته. شخصيات هيمنغواي دائماً افراد ابطال يتحملون المصاعب دونما شكوى او الم، وتعكس هذه الشخصيات طبيعة همنغواي الشخصية.
حصل على جائزتي نوبل وبوليتزر. وفي أخر حياته انتقل للعيش
في منزل بكوبا حيث بدء يعاني من اضطرابات عقلية وحاول الانتحار، وقد وضع حد لحياته بإطلاق الرصاص على رأسه من بندقيته عام 1961 في منزله، وقد تحول منزله في كوبا فيما بعد إلى متحف يضم مقتنياته وصوره . 

ومن أهم الأعمال التي ابدعها الكاتب الامريكي الكبير: 

" ثم تشرق الشمس" عام 1926 
"وداعا للسلاح" عام 1929
"الذين يملكون والذين لا يملكون" عام 1937
"لمن تقرع الأجراس" عام 1940
"عبر النهر وخلال الأشجار" عام 1950
 "العجوز والبحر" عام 1952.


العراب The Godfather

رواية ل ماريو بوزو


تتحدث الرواية عن شخصية أسطورية هي رئيس المافيا في أمريكا واسمه دون فيتو كورليوني Don Vito Corleone. وهو
من أصل إيطالي عاش فى أمريكا ويتمتع بعصبية عائلية كبيرة منحته النفوذ والشهرة والمال والتغلغل فى مؤسسات المجتمع الأمريكى وهو زعيم إمبراطورية واسعة ومؤثرة فى المجتمع الأمريكي.

انها قصة عائلة "كورليوني" منذ سنة 1945 في نيويورك والمتورطة بأعمال إجرامية مختلفة كإدارة نوادي القمار والبغاء إلا أن علاقات زعيم العائلة دون فيتو كورليوني بشخصيات سياسية هامة قد منحته نفوذاً قوياً، ومنح أعمال عائلته تغطية حيث يلجأ إليه الناس لحمايتهم ومساعدتهم بمشكلاتهم وبذلك هو يؤدي خدمة لأصحابه من خلال هذه العلاقات السياسية والاجتماعية، غير أن هذه العلاقات تتأثر بعد رفضه لطلب سالازو بحمايته وأعماله في تجارة المخدرات لقاء مبلغ كبير من المال مما يدخل العائلة في حرب مع بقية العائلات فيتدخل للمساعدة وإنقاذ العائلة من الدمار الابن الأصغر لل دون "مايكل" الذي كان ضابطاً في البحرية الأمريكية إبان الحرب العالمية الثانية والذي كان لا يريد أن يشارك في أعماله مع العائلة أو يتورط في أعمالهم لكنه يضطر للانضمام إلى العائلة بعد مقتل أخيه سوني ويثأر له من العائلات الأخرى التي ساهمت في اغتياله ويصفي حساباتها كلها ويعيد للعائلة هيبتها ومكانتها بالمجتمع.


رواية "العراب" جوهرياً هي قصة رجل ونفوذه وقوته. إنها قراءة
في خبرة رجل ليس من الممكن نسيانه. هذا الرجل الذي هو فيتو كورليوني، طاغية لكنه لطيف وودود، مع أنه زعيم امبراطورية واسعة ذات نفوذ هائل، حتى القتل ليس شيئاً عظيماً عنده إن كان ثمناً للعدالة. وهذه الرواية هي قصة شخصية يمتد تأثيرها إلى مختلف المستويات في المجتمع الأمريكي.

ولأن الرواية تغوص في عوالم المافيا والجرائم التي ترتكبها عصاباتها المختلفة وتفاصيل دقيقة أخرى، قام العديد باتهام بوزو مراراً بأنه على علاقة بالمافيا.


وبالرغم من ان هذه الرواية تشد القارىء إليها وتتركه مذهولاً، فأنها تعطي أصدق صورة لتحلل المجتمع الاميركي الذي يخضع،
حتى أعلى مستوى فيه لنفوذ عصابات "المافيا"، هذه العصابات التي يمثل دون كورليوني "العراب" رأساً من رؤوسها الخطيرة ويمثل اولاده بها ادوار القتل والاجرام والجنس والوحشية...

إنّ رواية العراب هي إدانة للنظام الأمريكي الرأسمالي وللإجرام الذي يقوم عليه ذلك النظام. حيث يمتد نفوذ عصابات المافيا من النقابات إلى مجلس الشيوخ إلى سائر السلطات الأمريكية.


وفي عام ١٩٧١ تحمس المخرج الإيطالي الأصل فرانسيس فورد كوبولا للرواية وقرر أن يقوم بإخراج فيلم مأخوذ عنها في ثلاثة أجزاء. وخرج الفيلم (الجزء الاول) إلى النور فى عام ١٩٧٢ وأحدث ضجة في الشارع الأمريكى لم يحدثها أي فيلم في هذه
الفترة من قبل وقام ببطولة الفيلم الممثل الكبير مارلون براندو في دور دون فيتو كورليوني وشاركه في البطولة ألباتشينو فى دور الابن مايكل كورليونى وقد نال الفيلم ٣ جوائز منها أفضل ممثل فى دور رئيسي لمارلون براندو الذى لم يحضر لتسلم جائزة الأوسكار آنذاك بل أرسل بدلاً منه فتاة هندية في لفتة إنسانية منه إلى حال الهنود فى أمريكا. وترشح الفيلم لـ٨ جوائز أوسكار منها أفضل ممثل مساعد لألباتشينو.


ويقال أن المؤلف استوحى ثلاثيته الشهيرة من أحداث حقيقية
وشخصيات حقيقة بل إن هناك من يقول أن شخصية المطرب آل مارتينو والذي كان ابناً بالتبني لدون كورليوني في الفيلم هي شخصية حقيقية بل والمفاجأة إن هذه الشخصية هي المطرب الأمريكي العالمي الراحل فرانك سيناترا والذي عُرف عنه علاقاته القوية مع زعماء المافيا لدرجة أنهم كانوا يعتبرونه الابن المدلل لهم.




ماريو بوزو (Mario Puzo):

كاتب وروائي أمريكي، أشتهر برواياته عن المافيا.

الميلاد: ١٩٢٠، مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة.
الوفاة: ١٩٩٩

العالم والشاعر ل جبران خليل جبران




قالت الحية للحسون: (( ما أجمل طيرانك أيها الحسون ! ولكن
حبذا لو أنك تنسلّ إلى ثقوب الأرض وأوكارها. حيث تختلج عصارة الحياة في هدوء وسكون! )).

فأجابها الحسون وقال: (( أي وربي ! إنك واسعة المعرفة بعيدتها، بل انت أحكم جميع المخلوقات، ولكن حبذا لو أنك تطيرين )).


فقالت الحية كأنها لم تسمع شيئاً: (( مسكين أنت أيّها الحسون ! فأنك لا تستطيع أن تبصر أسرار العمق مثلي، ولا تقدر أن تتخطر في خزائن المماليك الخفية، فترى أسرارها ومحتواياتها، أما أنا فلا أبعد بك، فقد كنت في الأمس متكئة في كهف من
الياقوت الأحمر أشبه بقلب رمانة ناضجة، وأضأل الأشعة تحولها إلى وردةٍ من نور. فمن أعطي سواي في هذا العالم أن يرى 
مثل هذه الغرائب؟ )).

فقال لها الحسون: (( بالصواب قد حكمت أيتها الحكيمة، فلا أحد إلاك يستطيع أن يفترش ما تبلور من تذكارات العصور، وآثار الدهور. ولكن واأسفاه، فأنك لا تغردين ! )).

فقالت الحية: (( إنني أعرف نباتاً تمتدّ جذوره إلى أحشاء الأرض، وكل من يأكل من تلك الجذور يصير أجمل من عشتروت )).

فأجابها الحسون قائلاً: (( لا أحد، إلاك قد أهتدى إلى حسر القناع عن فكر الأرض السحري. ولكن واأسفاه، فأنك لا تطيرين ! )). 

فقالت الحية: (( وأعرف جدولاً أرجوانياً يجري تحت جبل عظيم، وكلّ من يشرب من هذا الجدول يصير خالداً. وليس بين الطير أو
الحيوان من أهتدى إلى ذلك الجدول سواي )).

فأجاب الحسون وقال (( بلى والله. فإن في منالك أن تكوني خالدة لو شئت. ولكن واأسفاة، فأنك لا تغردين ! )).

فقالت الحية: (( وأعرف هيكلاً مطموراً تحت تراب الأرض، لم يهتد إليه باحث أو منقب بعد، أزوره مرة في الشهر، وهو من بناء
جبابرة الأزمنة الغابرة. وقد نقشت على جدرانه أسرار جميع الأزمنة والأمكنة )).

فأجابها الحسون قائلاً: (( بلى أيتها الحكيمة العزيزة، فإنك لو شئت لاستطعت أن تكتنفي بلين جسدك جميع معارف الأجيال. ولكنك واأسفاه، لا تقدرين أن تطيري )).

فاشمأزت الحية إذ ذاك من حديثه، وارتدت عنه إلى وكرها وهي تبربر في ذاتها قائلة: 
(( قبحه الله من غرّيد فارغ الرأس !!! )) .


أما الحسون فطار وهو يغني بأعلى صوته قائلاً: 
(( واأسفاه، إنك لا تغردين ! واأسفاه، واأسفاه ياحكيمتي، فإنك لا تطيرين! )).



جبران خليل جبران:
 فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني، ولد في 1883 في بلدة بشري شمال لبنان وتوفي في نيويورك 1931 بداء السل. هاجر وهو صغير مع أمه وإخوته إلى أمريكا عام 1895 حيث بدأ مشواره الأدبي. اشتهر عند العالم الغربي بكتابه الذي تم نشره سنة 1923 وهو كتاب النبي.
كانت عائلة جبران فقيرة، لذلك لم يستطع الذهاب للمدرسة، بدلاً من ذلك كان قسيس يأتي لجبران إلى المنزل ويعلمه الإنجيل والعربية والسريانية.
أسس جبران خليل جبران الرابطة القلمية مع كلِّ من ميخائيل نعيمة، عبد المسيح حداد، ونسيب عريضة.
تفاعل جبران مع قضايا عصره، وكان من أهمها التبعية العربية للدولة العثمانية والتي حاربها في كتبه ورسائله. وبالنظر إلى خلفيته المسيحية، فقد حرص جبران على توضيح موقفه بكونه ليس ضِدًا للإسلام الذي يحترمه ويتمنى عودة مجده، بل هو ضد تسييس الدين سواء الإسلامي أو المسيحي.

كتبه بالعربية:
الأرواح المتمردة 1908
الأجنحة المتكسرة 1912
دمعة وابتسامة 1914
المواكب 1918
العواصف (رواية).
البدائع والطرائف: مجموعة من مقالات وروايات تتحدث عن مواضيع عديدة لمخاطبة الطبيعة. نشر في مصر عام 1923.
عرائس المروج
نبذة في فن الموسيقى

كتبه بالإنكليزية:
المجنون 1918
السابق 1920
النبي 1923
رمل وزبد 1926
يسوع ابن الإنسان 1928
آلهة الأرض 1931
التائه 1932
حديقة النبي 1933
الأعلام للزركلي.

وكانت أمنية جبران أن يُدفن في لبنان، وقد تحقق له ذلك في 1932. دُفن جبران في صومعته القديمة في لبنان، فيما عُرف لاحقًا باسم متحف جبران.
وأراد أن تكتب هذه الكلمة على قبره:
«أنا حي مثلك وأنا واقف الآن إلى جانبك فاغمض عينيك والتفت تراني أمامك».



أفعال الشياطين



كان يسير بمحاذاة مطعم فاخر حين تلقى ركلة من حارس أمن أفقدته توازنه، متلقياً بعدها الشتائم من كل نوع، لهذا قرر التجوال منذ ذاك أمام المطاعم الشعبية فقط، فهناك أناس تجمعه بهم بعض صلة ولو من بعيد جداً، هناك يجد في فتات الخبز وبقايا الطعام طراوة وإن كانت لا تقارن بتلك التي كانت تعدها أمه وهو في الثامنة من عمره.
كان معروفاً ب"زيكو" لكن اسمه الحقيقي زكرياء، فالناس ترفض مناداته باسمه لكونه ابن حرام حسب ما يقولون، فابن الزنا لا يستحق اسماً جميلاً مثل اسمه، طويل الشعر مقطب الحاجبين معظم الوقت، غير مبال بما يقوله الناس، غرضه أن يقتات ما يبقيه حياً وهو حتى لا يعرف لما هو حي؟ حاول في البداية العمل،
لكن سكان الحي رفضوا استخدام عديم الأصل هذا، فمثله نذير شؤم ونحس مرفوض، يسمع من الشتائم في اليوم الواحد ما لم تسمعه ليلى من قصائد الغرام، ينام ليله على حافة باب المسجد حين ينسحب الجميع إلى أفرشتهم، ويطمئن أن أحداً لن يركله في ظهره بعد أن يتسرب النوم من بين ذكريات الماضي إلى عينيه.
في النهار يقضي معظم وقته خارج الحي، فذلك يجنبه انشغال البعض بشتمه وسبه كلما ظهر أمامهم.
لقد كان يحرص عندما يصل يوم عيد الاستقلال، الصعود إلى التل المطل على المتنزه العمومي حيث يحتشد سكان الحي إضافة إلى الأحياء الأخرى، لمراقبة الألعاب النارية التي تضيء السماء بألوان زاهية ومشعة تلهب خيالات الأطفال، لكنه يكون غير مبال بتلك المفرقعات فكل نظره يكون مركزا على تلك الحشود، يبحث عن أم ضمت طفلها إلى حضنها، أو أخرى تلاحق أطفالها الذين تفرقوا في أرجاء المتنزه.
يبتسم تارة ثم ترتسم على وجهه في لحظة علامات الشرود حيث يسبح بعيداً إلى سن الثامنة بالضبط، عندما كان يسأل أمه بإلحاح
أن تأخذه للتفرج على المفرقعات، فكانت تمنعه بحجة كونها شريرة وأنها من فعل الشياطين، كانت أمه المسكينة تحرص على تجنيبه أقاويل سكان الحي ونظراتهم المتطرفة، لكنه لم يكن يفهم معنى ابن حرام وابن حلال، بل كان يعرف فقط أن الأطفال اجتمعوا ليتفرجوا على الألعاب النارية.
تسقط من عينيه دمعة محملة بدفيء مفقود منذ أمد، تتبعها أخريات ثم أخريات حتى تشكل حملاً من الدموع الدافئة، ليس لوضعه ولا معاناته التي عرف أنها قدره، بل يبكي فقط ليحس بأنه ما زال على قيد الحياة.
عاد إلى مضجعه عند باب المسجد وأسند رأسه إلى كومة خرق ليذهب بفعل قسوة الشتاء إلى مكان يجهله سكان الحي، ليرتاح أخيراً من قدر كان محتوماً ويترك سكان الحي يتخاصمون، بين مقرر هدم المسجد النجس بجثة ابن الحرام، وبين قائل: يكفي صب الماء على موضع النجاسة.




محمد أكروح:

كاتب قصة مغربي.

Twitter Bird Gadget