روى الكاتب الفرنسي فرانسوا رابلي هذه الحكاية عن رجلٍ يدعى بانورج في رحلة بحريّة على متن سفينة. وكان على نفس السفينة تاجر الأغنام دندونو ومعه قطيع من الخرفان المنقولة بغرض بيعها. كان دندونو تاجراً جشعاً لا يعرف معنى الرحمة، ووصفه الأديب الكبير رابليه بأنه يمثل أسوأ ما في هذا العصر وهو غياب الإنسانية.
حدث أن وقع شجار على سطح المركب بين بانورج والتاجر دندونو صمم بانورج على إثره أن ينتقم من التاجر الجشع، فقرّر شراء الخروف الأكبر من التاجر بسعرٍ عالٍ وسط سعادة دندونو بالصفقة الرابحة.
ثم اصطفت الخرفان الباقية في "طابور مهيب" لتمارس دورها في القفز في كل الاتجاهات.
جن جنون تاجر الأغنام دندونو وهو يحاول منع القطيع من القفز بالماء، لكنّ محاولاته كلها باءت بالفشل، فقد كان "إيمان" الخرفان بما يفعلونه على قدر من الرسوخ أكبر من أن يُقاوم.
وبدافع قوي من الجشع اندفع دندونو للإمساك بآخر الخرفان الأحياء آملاً في إنقاذه من مصيره المحتوم، إلّا أن الخروف كان مصراً على الانسياق وراء الخرفان، فكان أنْ سقط كلاهما في الماء ليموتا معاً غرقاً.
ومن هذه القصة صار تعبير خرفان بانورج
(moutons de Panurge) مصطلحاً شائعاً في اللغة الفرنسية، ويعني انسياق الجماعة بلا وعي أو إرادة وراء آراء أو أفعال الآخرين.
فرانسوا رابلي François Rabelais
كان ميلاده بين 1483-1494 أما وفاته فكانت في عام 1553. كاتب فرنسي وطبيب وراهب وعالم باليونانية وأحد إنسانيي النهضة.
يعتبر أحد أعظم الكتاب على مستوى العالم، وكذلك أحد مؤسسي أسلوب الكتابة الأوروبي الحديث. تعد رواية "غارغانتوا" و"بانتاغرويل" أنجح أعماله على الإطلاق.
كان رابليه لفترة قصيرة راهباً ولكنه شعر أنه لا يستطيع أن يتحمّل بجدية هذه الحياة لأسباب عدة تدخل في صميم المبادئ الدينية والممارسات، فدرس الطب ومارسه في ليون، إلا انه سئم ذلك أيضاً فراح يتجول في أوروبا الغربية.
ووضع رابليه مؤلفات أخرى، بعضها أقل تشويقاً من روايته الأوليين، ولكنهما مثلهما تعجّ بالحكمة والفطرة السليمة، وفيها أحكام صائبة وحصيفة.