ﺟﺎﺀﺕ ﺑﻘﺮﺓ إلى ﺑﺎﺏ ﻗﺼﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺭﺍﻛﻀﺔ، ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺒﻮﺍﺑﻴﻦ: ﺃﺧﺒﺮﻭﺍ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺑﺄﻥ ﺑﻘﺮﺓ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻪ.ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﺻﺮﻓﻬﺎ، ﻓﺒﺪﺃﺕ ﺗﺨﻮﺭ: ﻻ ﺃﺧﻄﻮ ﺧﻄﻮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﻭﺍﺟﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ.
ﻓﺼﺮﺥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ: ﺑﺄﻱ ﺣﻖ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻗﺪﻣﺖ؟ ﻣﺎ ﻧﻔﻌﻚ ﻟﻠﻮﻃﻦ ﺣﺘﻰ ﻧﻌﻄﻴﻚ ﻭﺳﺎﻣﺎً؟
ﻗﺎﻟﺖ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ: ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﺃﻋﻂ ﺃﻧﺎ ﻭﺳﺎﻣﺎً ﻓﻤﻦ ﻳﻌﻄﻰ!؟
ﺗﺄﻛﻠﻮﻥ ﻟﺤﻤﻲ، ﻭﺗﺸﺮﺑﻮﻥ ﺣﻠﻴﺒﻲ، ﻭﺗﻠﺒﺴﻮﻥ ﺟﻠﺪﻱ، ﺣﺘﻰ ﺭﻭﺛﻲ ﻻ ﺗﺘﺮﻛﻮﻧﻪ، ﺑﻞ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻧﻪ، ﻓﻤﻦ ﺃﺟﻞ ﻭﺳﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻚ ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻠﻲّ ﺃﻥ ﺃﻋﻤﻞ ﺃﻳﻀﺎً؟!
ﻭﺟﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ، ﻓﺄﻋﻄﺎﻫﺎ ﻭﺳﺎﻣﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ.
ﻋﻠﻘﺖ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ﺍﻟﻮﺳﺎﻡ ﻓﻲ ﺭﻗﺒﺘﻬﺎ. ﻭ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺮ، ﺗﺮﻗﺺ ﻓﺮﺣﺎً ﺍﻟﺘﻘﺖ ﺍﻟﺒﻐﻞ، ﻭﺩﺍﺭ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ:
- ﻣﺮﺣﺒﺎً ﻳﺎ ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
- ﻣﺮﺣﺒﺎ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﺒﻐﻞ.
- ﻣﺎ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ الانشراح؟ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺃﻧﺖ ﻗﺎﺩﻣﺔ؟
ﺷﺮﺣﺖ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﺧﺬﺕ ﻭﺳﺎﻣﺎُ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ، ﻫﺎﺝ ﺍﻟﺒﻐﻞ، ﻭﺑﻬﻴﺎﺟﻪ ﻭﺑﻨﻌﺎﻟﻪ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ، ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﻗﺼﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ.
ﻭﺃﺧﺬ ﻳﺼﺮُﺥ ﻋﻨﺪ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻘﺼﺮ: ﺳﺄﻭﺍﺟﻪ ﻣﻮﻻﻧﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ.
الحراس: ﻣﻤﻨﻮﻉ.
ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻭﺑﻌﻨﺎﺩﻩ ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺙ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﺣﺮﻥ ﻭقعد ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺋﻤﻴﻪ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﻴﻦ، ﺃﺑﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺟﻊ ﻋﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻘﺼﺮ.
ﻧﻘﻠﻮﺍ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ .
ﻓﻘﺎﻝ: ﺍﻟﺒﻐﻞ ﺃﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﺭﻋﻴﺘﻲ، ﻓﻠﻴﺄﺕِ ﻭﻧﺮﻯ؟
ﻣَﺜُﻞ ﺍﻟﺒﻐﻞ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ، ﺃﻟﻘﻰ ﺳﻼﻣﺎً ﺑﻐﻠﻴﺎً، ﻗﺒّﻞ ﺍﻟﻴﺪ ﻭﺍﻟﺜﻮﺏ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﻭﺳﺎﻣﺎً. فسأله السلطان: ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺳﺎﻡ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺒﻐﻞ: ﻳﺎ ﻣﻮﻻﻱ، ﻭﻣﻦ ﻗﺪﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻗﺪﻣﺖ؟!!! ﺃﻟﺴﺖ ﻣﻦ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﺪﺍﻓﻌﻜﻢ ﻭﺑﻨﺎﺩﻗﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻩ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺤﺮﺏ؟ ﺃﻟﺴﺖ ﻣﻦ ﻳﺮﻛﺐ ﺃﻃﻔﺎﻟﻜﻢ ﻭﻋﻴﺎﻟﻜﻢ ﻇﻬﺮﻩ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺴﻠﻢ؟ ﻟﻮﻻﻱ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌﺘﻢ ﻓﻌﻞ ﺷﻲﺀ.
ﻓﺄﺻﺪﺭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻗﺮﺍﺭﺍً، ﺇﺫ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺒﻐﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ: ﺃﻋﻄﻮﺍ ﻣﻮﺍﻃﻨﻲ ﺍﻟﺒﻐﻞ ﻭﺳﺎﻣﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ.
ﻭ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻐﻞ ﻋﺎﺋﺪﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺑﻨﻌﺎﻟﻪ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﺮﺡ ﻗﺼﻮﻯ، ﺍﻟﺘﻘﻰ ﺑﺎﻟﺤﻤﺎﺭ.
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ: ﻣﺮﺣﺒﺎً ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﻷﺥ.
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺒﻐﻞ: ﻣﺮﺣﺒﺎً ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻌﻢ، ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺃﻧﺖ ﻗﺎﺩﻡ ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ﺃﻧﺖ ﺫﺍﻫﺐ؟
حكى له البغل حكايته. ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ: ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻷﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ﺳﺄﺫﻫﺐ ﺃﻧﺎ ﺃﻳﻀﺎً ﺇﻟﻰ ﺳﻠﻄﺎﻧﻨﺎ ﻭﺁﺧﺬ ﻭﺳﺎﻣﺎً.
ﻭﺭﻛﺾ ﺑﻨﻌﺎﻟﻪ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺼﺮ.
ﺻﺎﺡ ﺣﺮﺍﺱ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻓﻴﻪ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﺍ ﺻﺪﻩ ﺑأي ﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ، ﻓﺬﻫﺒﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ: ﻣﻮﺍﻃﻨﻜﻢ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻤﺜﻮﻝ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻜﻢ.
ﻫﻼ ﺗﻔﻀﻠﺘﻢ ﺑﻘﺒﻮﻟﻪ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ؟ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ: ﻣﺎﺫﺍ ﺗﺮﻳﺪ ﻳﺎ ﻣﻮﺍﻃﻨﻨﺎ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ؟
ﻓﺄﺧﺒﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺭﻏﺒﺘﻪ.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻠﺖ ﺭﻭﺣﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻔﻪ: ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ﺗﻨﻔﻊ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﺍﻟﺮﻋﻴﺔ ﺑﻠﺤﻤﻬﺎ ﻭﺣﻠﻴﺒﻬﺎ ﻭﺟﻠﺪﻫﺎ ﻭﺭﻭﺛﻬﺎ، ﻭﺇﺫﺍ ﻗﻠﺖ ﺍﻟﺒﻐﻞ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺤﻤﻞ ﺍﻷﺣﻤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺍﻟﺴﻠﻢ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﻔﻊ ﻭﻃﻨﻪ. ﻣﺎﺫﺍ ﻗﺪﻣﺖ ﺃﻧﺖ ﺣﺘﻰ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺤﻤﺮﻧﺘﻚ ﻭﺗﻤﺜﻞ ﺃﻣﺎﻣﻲ ﺩﻭﻥ ﺣﻴﺎﺀ ﻭﺗﻄﻠﺐ ﻭﺳﺎﻣﺎً؟ ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻠﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺨﻠﻄﻪ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﺼﺪﺭ ﻣﺴﺮﻭﺭاً: ﺭﺣﻤﺎﻙ ﻳﺎ ﻣﻮﻻﻱ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ، ﺇﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻘﺪﻡ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﺸﺎﺭﻳﻜﻢ ﺍﻟﺤﻤﻴﺮ.
ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ الآلاف ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤﻴﺮ ﻣﺜﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﻜﻢ، ﺃﻓﻜﻨﺘﻢ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺍﻟﺠﻠﻮﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﺵ؟! ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻠﻄﺘﻜﻢ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻟﻮﻻ ﺍﻟﺤﻤﻴﺮ؟! ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺭﻋﻴﺘﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤﻴﺮ، ﻟﻤﺎ ﺑﻘﻴﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ.
ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺃﻳﻘﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ، ﻭﻟﻦ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻭﺳﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻚ ﻛﻐﻴﺮﻩ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﺧﺰﺍﺋﻦ ﺍلإﺳﻄﺒﻞ، ﻟﻴﻐﺮﻑ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻐﺮﻑ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤﻴﺮ!!!
اسمه الحقيقي محمد نصرت نيسين. ولد في
جزيرة قرب اسطنبول. واستخدم اسم عزيز
نيسن الذي عرف به فيما بعد كاسم مستعار
للحماية ضد مطاردات الأمن السياسي في
تركيا، ورغم ذلك فقد دخل السجون مرات
عديدة.
يعتبر عزيز نيسن واحداً من أفضل كتاب الكوميديا السوداء في
العالم أو ما تسمى بالقصص المضحكة المبكية، والمضحك
المبكي في حياته أنه وبرغم شهرته الواسعة في كل أرجاء العالم
كمبدع فذ إلا أن بلده الأم تركيا لم تعطه من حقه سوى القليل.
توفي عزيز نيسن في تموز عام 1995
من أعماله:
* لا تنسى تكة السروال
* خصيصياً للحمير
* أسفل السافلين
* الطريق الطويل
* الفهلوي (زوبك)
* مجنون على السطح
مسرحيات:
* وحش طوروس
* ثلاث مسرحيات أراجوزية
* هل تأتون قليلاً
* امسك يدي يا روفني
* هيا اقتلني يا روحب
* حرب المصفرين وماسحي الجوخ
* جيجيو
* خمس مسرحيات قصيرة