كل عام كان والدا الطفل "مارتان" يصطحبانه في القطار ليقضي
قال لهما ذات عام: أصبحت كبيرًا الآن...
ماذا لو ذهبت وحدي إلى جدتي هذا العام؟
وافق الوالدان بعد نقاش قصير. وها هما في
اليوم المحدد واقفان على رصيف المحطة
يكرران بعض الوصايا عليه...
قال وهو يتأفف: لقد سمعت ذلك منكما ألف مرة!
وقبل أن ينطلق القطار بلحظة، اقترب منه والده وهمس في أذنه
"خذ... هذا لك، افتحه فقط إذا شعرت بالخوف أو بالمرض".
ووضع شيئًا بجيب طفله.
جلس الطفل وحيدًا في القطار دون أهله للمرة الأولى، يشاهد تتابع
المناظر الطبيعية من النافذة ويسمع ضجة الناس الغرباء تعلو حوله،
يخرجون ويدخلون إلى مقصورته.
تعجّب مراقب القطار ووجّه له الأسئلة حول كونه دون رفقة. وامرأة
رمقته بنظرة حزينة.
فارتبك "مارتان" وشعر بأنه ليس على ما يرام. ثم شعر بالخوف...
فتقوقع في كرسيه واغرورقت عيناه بالدموع.
في تلك اللحظة تذكر همس أبيه وأنه دسّ شيئًا في جيبه لمثل هذه
اللحظة.
فتّش في جيبه بيد مرتجفة وعثر على الورقة
الصغيرة، فتحها فقرأ "يا ولدي، أنا في
المقصورة الأخيرة في القطار".
كذلك هي الحياة، نطلق أجنحة أولادنا،
نعطيهم الثقة بأنفسهم...
ولكننا يجب أن نكون دائمًا متواجدين في المقصورة الأخيرة طيلة
وجودنا على قيد الحياة، مصدر شعور بالأمان لهم.
فيودور ميخائيلوفيتش دوستويفسكي (1821-1881)
روائي وكاتب قصص قصيرة وصحفي وفيلسوف روسي يعد من
1821 في موسكو، ويُعتبر واحدًا من أبرز
كتاب الأدب العالمي لما قدمه من
تحليلات عميقة للنفس البشرية والحالة
الاجتماعية والسياسية والروحية لروسيا في
القرن التاسع عشر.
بدأ أعماله الأدبية في العشرينات من عمره، وكانت روايته الأولى
"المساكين" عام 1846.
من أشهر رواياته
- الجريمة والعقاب
- الإخوة كارامازوف
- الشياطين
- الأبله
كان دوستويفسكي مهتمًا بالفلسفة وعالج قضايا وجودية ودينية
عميقة عبر أدبه، ويُعتبر من مؤسسي المذهب الوجودي.
عاش حياة مليئة بالتحديات، منها اعتقاله والحكم عليه بالإعدام ثم
إلغاؤه في اللحظة الأخيرة. مما أثر على أعماله تأثيرًا كبيرًا.
ترك إرثًا أدبيًا ضخمًا تأثر به الأدب العالمي حتى يومنا هذا.