كان «جبران خليل جبران» حب مي الأبدي، وقد تعذر اللقاء بينهما طوال حياتهما، ولكن الرؤية لم تكن لتمنعهم من انجراف عواطفهم وتبادل أحاديث الهوى عبر الرسائل البريدية، التي كانت بمقاييس عصرهم تأخذ وقتاً طويلاً، فبعد أن انتظرت دون جدوى، حضور جبران إلى القاهرة، لملمت كل شجاعتها، وكتبت له أجمل رسالة حب:
لقد كتبت كل هذه الصفحات لأتحايد كلمة الحب.
إن الذين لا يتاجرون بمظهر الحب ودعواه في المراقص والاجتماعات،
ينمي الحب في أعماقهم قوة ديناميكية قد يغبطون الذين يوزعون عواطفهم في اللألأ السطحي،
لأنهم لا يقاسون ضغط العواطف التي لم تنفجر،
ولكنهم يغبطون الآخرين على راحتهم دون أن يتمنوها لنفوسهم، ويفضلون وحدتهم،
ويفضلون السكوت،
ويفضلون تضليل القلوب عن ودائعها،
والتلهي بما لا علاقة له بالعاطفة.
ما معنى هذا الذي أكتبه؟
ولكني أعرف أنك محبوبي،
وأني أخاف الحب.
أقول هذا مع علمي أن القليل من الحب الكثير.
الجفاف والقحط واللاشيء بالحب خير من النزر اليسير.
كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا.
كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا.
لأنك لو كنت الآن حاضراً بالجسد لهربتُ خجلاً بعد هذا الكلام،
ولاختفيتُ زمناً طويلاً،
ولاختفيتُ زمناً طويلاً،
فما أدعك تراني إلا بعد أن تنسى.
حتى الكتابة ألوم نفسي عليها،
حتى الكتابة ألوم نفسي عليها،
لأني بها حرة كل هذه الحرية..
إن القديس توما يظهر هنا وليس ما أبدي هنا أثراً للوراثة فحسب،
بل هو شيء أبعد من الوراثة.
ما هو؟
قل لي أنت ما هو.
وقل لي ما إذا كنت على ضلال أو هدى فإني أثق بك..
وسواء أكنت مخطئة أم غير مخطئة فإن قلبي يسير إليك،
وخير ما يفعل هو أن يظل حائماً حواليك،
ومن خلال السحب العجيبة الأشكال والألوان
حصحصت نجمة لامعة واحدة هي الزهرة،
آلهة الحب،
أترى يسكنها كأرضنا بشر يحبون ويتشوقون؟
ربما وجد فيها بنت هي مثلي،
لها جبران واحد،
حلو بعيد هو القريب القريب.
تكتب إليه الآن والشفق يملأ الفضاء،
وتعلم أن الظلام يخلف الشفق،
وأن النور يتبع الظلام،
وأن الليل سيخلف النهار،
والنهار سيتبع الليل مرات كثيرة قبل أن ترى الذي تحب، فتتسرب إليها كل وحشة الليل،
فتلقي بالقلم جانباً لتحتمي من الوحشة في اسم واحد:
(جبران)
مي زيادة (1886 – 1941):
ولدت مي زيادة في بلدة الناصرة بفلسطين، من أب لبناني هو الياس زيادة، وأم فلسطينية هي نزهة معمر، واسمها الأصلي كان ماري زيادة.
تلقت مي مبادئ القراءة والكتابة في الناصرة، ثم في مدرسة
عينطورة «مدرسة الراهبات» وكانت في الثالثة عشرة من عمرها. وعندما تسلطت روح الإستبداد والقهر، والإضطهاد العثماني في لبنان، كانت في المقابل الحريات سائدة في مصر التي هاجر إليها الياس زيادة مع عائلته في العام 1908. دخلت الجامعة ودرست تاريخ الفلسفة العامة وتاريخ الفلسفة العربية، وعلم الأخلاق على المستشرق الإسباني «الكونت دو جلارزا» وتاريخ الآداب العربية على الشيخ محمد المهدي وتاريخ الدول الإسلامية على الشيخ محمد الخضري.
عينطورة «مدرسة الراهبات» وكانت في الثالثة عشرة من عمرها. وعندما تسلطت روح الإستبداد والقهر، والإضطهاد العثماني في لبنان، كانت في المقابل الحريات سائدة في مصر التي هاجر إليها الياس زيادة مع عائلته في العام 1908. دخلت الجامعة ودرست تاريخ الفلسفة العامة وتاريخ الفلسفة العربية، وعلم الأخلاق على المستشرق الإسباني «الكونت دو جلارزا» وتاريخ الآداب العربية على الشيخ محمد المهدي وتاريخ الدول الإسلامية على الشيخ محمد الخضري.
وفى القاهرة, خالطت ميّ الكتاب والصحفيين, وأخذ نجمها يتألق كاتبة مقال اجتماعي وأدبي ونقدي, وباحثة وخطيبة.
أما قلب ميّ زيادة, فقد ظل مأخوذًا طوال حياتها بـجبران خليل جبران وحده, رغم أنهما لم يلتقيا ولو لمرة واحدة. ودامت المراسلات بينهما لعشرين عامًا: من 1911 وحتى وفاة جبران بنيويورك عام 1931. واتخذت مراسلاتها صيغة غرامية عنيفة وهو الوحيد الذي بادلته حباً بحب وإن كان حباً روحياً خالصاً وعفيفاً . ولم تتزوج مي على كثرة عشاقها.
وفي العام 1941 ماتت ريحانة الشرق مي زيادة قهراً ويأساً، الأديبة الآنسة التي كانت الزهرة الفواحة في روضة الأدب العربي وعندما أسلمت الروح لم تجد حولها لا صديقاً ولا نسيباً ولا رفيقاً، بل رأت سقفاً مظلماً تدلت منه خيوط العنكبوت، وكانت جنازتها مثالاً في البساطة، «نعش قاتم سار وراءه نفر قليل من الأصدقاء». وقالت هدى شعراوي في تأبينها ” كانت مي المثل الأعلى للفتاة الشرقية الراقية المثقفة”.
من أشهر أعمالها:
كتاب المساواة
باحثة البادية
سوانح فتاة
الصحائف
كلمات وأشارات
غاية الحياة
رجوع الموجة
بين الجزر والمد
الحب في العذاب
ابتسامات ودموع
ظلمات وأشعة
وردة اليازجي
عائشة تيمور
نعم ديوان الحب
موت كناري
She is such a inspiration!
ReplyDelete♡ ..
ReplyDelete💜🌸👌
ReplyDeleteقصة حب لا مثيل لها لم يكتب لهما اللقاء حب طاهر بعيد عن الغرائز تثير شجونا لا نستطيع البوح بها
ReplyDeleteشكرا لك لسردك لحب ذي طعم آخر، فيه سمو و صدق وعفة.أكثر من هذا، شجون عزف في صمت الكلمات و قهر الوحدة. رحم الله مر زيادة و رحم الله جبران.
ReplyDelete