الطفلة حياة وعائلتها في جولة سياحية، قادتهم في نهايتها إلى جوار السد العظيم، الطفلة ذات العاشرة تعشق الطبيعة رغم صغر سنها، فلكم أذهلتها - وهي بنت الصحراء- قمم الجبال بثلوجها،
وسفوحها بغاباتها، وذاك الساحل الجميل الممتد إلى ما لانهاية، وأمواج البحر تداعب شواطئه، واليوم هاهم أمام السد العظيم الذي طالما سمعوا عنه.
وسفوحها بغاباتها، وذاك الساحل الجميل الممتد إلى ما لانهاية، وأمواج البحر تداعب شواطئه، واليوم هاهم أمام السد العظيم الذي طالما سمعوا عنه.
وقفت تتأمله والشلال الهادر المنحدر من نفق فوق جانب جسمه الشاهق، لترتطم مياهه الساقطة بسرعة، ببداية المجرى الجديد للنهر، مشكلة غيمة ضبابية من الرذاذ، الذي أخذ الهواء يقذف بعضه نحو وجهها، فتضحك مبتهجة، ثم تفرد ذراعيها لاستقبال نفحة جديدة، ثم لتضحك مسرورة من جديد.
وأخذت تقترب من الحافة غير هيابة، أملاً باستقبال كم أكبر من الرذاذ؛
ولكن ...
وعلى حين غرة، زلت قدمها فوقعت باتجاه النهر الهادر؛ انتبه
علي شقيقها الأكبر، فصاح: " حياة وقعت في النهر يا أبي !!! "وهرع الوالد باتجاه النهر ..
علي شقيقها الأكبر، فصاح: " حياة وقعت في النهر يا أبي !!! "وهرع الوالد باتجاه النهر ..
وهرع من ورائه الرجال الذين تصادف وجودهم هناك ...
وهرعت وراءهم الوالدة وهي تلطم خديها وتولول كمن أصابها مس من الجنون .... وإذ لمحها والدها وقد أخذت المياه تتقاذفها، ألقى بنفسه في النهر، ثم .. تبعه بعض الشبان،
ثم ...
تمكن أحدهم من الإمساك بثوبها،
ثم ....
جرها إلى الشاطئ ..
عندما مددها على الأرض المعشوشبة، كانت جثة هامدة، فوجهها الذي فقد دماءه غدا أبيضاً كالكلس، ونفسها المتوقف، وقلبها الذي كف عن النبض.. كلها مؤشرات على وفاتها.
كادت الصدمة تفقد والدها حياته، أما الوالدة فأخذت تصيح: " حياة ما هي بميتة .. حياة حية .. انهض يا ابا علي، فلننقلها إلى المستشفى حالاً .. هيا يا أبا علي، عد إلى رشدك فلا وقت للأحزان .. ابنتك حيّة يا رجل.. قلبي يحدثني بذلك ..قلبي يحدثني بذلك .. وقلب الأم دليلها!."
هب أبو علي، فحمل الطفلة إلى سيارته وألقاها -من ثم- في حضن
أمها في المقعد الخلفي، وصعد علي إلى جانبه، ثم انطلق بأقصى سرعة وفي أحد المنعطفات، انحرفت السيارة لتصطدم بالصخور...
أمها في المقعد الخلفي، وصعد علي إلى جانبه، ثم انطلق بأقصى سرعة وفي أحد المنعطفات، انحرفت السيارة لتصطدم بالصخور...
أصيب الجميع بجروح مختلفة ...
ولكن حياة عادت إلى الحياة!.
نزار بهاء الدين الزين:
كاتب وفنان تشكيلي سوري مغترب، من مواليد دمشق عام
1931. بدأ حياته العملية كمعلم في دمشق وريفها لمدة خمس سنوات، عمل في الكويت كأخصائي إجتماعي ومثقف عام ، لمدة 33 سنة. إضافة إلى عمله في صحف الكويت .
- كتب أول مجموعة قصصية بعنوان ( ضحية المجتمع ) عندما كان في الثانوية العامة عام 1949.
- كتب مجموعته الثانية ( ساره روزنسكي ) سنة 1979
يعيش في الولايات المتحدة، عضو إتحاد كتاب الأنترنت العرب.
عضو الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب ArabWata.
No comments:
Post a Comment