تاجر البندقية


الشخصيات الرئيسية

أنطونيو: تاجر كريم ومحب لصديقه بسانيو. 


يحمل تعصباً ضد اليهود، وخصوصاً شايلوك

 المرابي، المكروه

من الجميع، يعيش صراعاً مع المسيحيين،

 ويحمل لهم الضغينة في قلبه. 

بسانيو: نبيل، لكنه يعاني من ضائقة مالية.


 طموح بالزواج من بورشيا، ويمثل صورة الشاب الباحث عن

 مكانة.

بورشيا: امرأة ذكية، قوية، وذات شخصية قيادية. تُظهر براعتها

 حين تنقذ أنطونيو في المحكمة.

شايلوك: مرابي- شخصية معقدة، تمثل الظلم والشر. لا يتوانى

 عن قطع لحم أي شخص لقاء دفع ما استدانه من مال.

جيسيكا: ابنة شايلوك، تهرب لتبحث عن حريتها وهويتها، لكنها

 تُتهم بالخيانة الدينية والعائلية.

نيريسا: وصيفة بورشيا ومرآتها الذكية، تمثل الحكمة المرافقة

 للرومانسية.



الفصل الأول

يبدأ بمشهد في البندقية. أنطونيو حزين بلا سبب. يظن أصدقاؤه

 أن يكون السبب هو خوفه على تجارته.


لكنه في الحقيقة حزين لأن بسانيو طلب منه

قرضاً، بهدف أن يتقدّم لطلب الزواج من

بورشيا. وأنطونيو لا يملك مالاً سائلاً.

 فيقترح على صديقه بسانيو اقتراض المال

باسمه.

يقابل بسانيو شايلوك، اليهود المرابي، ويبرم معه اتفاقاً غريباً!

 3,000 دوكات مقابل رطل من لحم أنطونيو إن فشل في

 السداد.



الفصل الثاني

نتابع في قصر بورشيا، "اختبار الصناديق الثلاث (ذهبي،

 فضي، رصاصي).


الذهب = الطمع.

الفضة = الاستحقاق.

الرصاص = التواضع والحب الحقيقي.

وهو اختبار تعتمده بورشيا في اختيار الزوج المناسب.

أمير مراكش يختار الصندوق الذهبي ويفشل.

في البندقية، نكتشف أن لانسلوت، خادم شايلوك المرابي، يهرب

 منه ويذهب لخدمة بسانيو.

جيسيكا ابنة المرابي تخطط للهرب مع لورينزو، وتأخذ معها

 جزءاً كبيراً من مال والدها.



الفصل الثالث

شايلوك يزداد غضبه بسبب هروب ابنته.


 ويُصرّ على تنفيذ شرط العقد ضد أنطونيو بعد سماعه بخبر

 خسارة سفن الأخير.



يصل بسانيو إلى بلمونت ويخوض اختبار

الصناديق. وينجح في اختيار الصندوق

 الرصاصي ويتزوج بورشيا.

وفي مشهد درامي، يُعتقل أنطونيو لعدم

سداد الدين.



الفصل الرابع

في المحكمة يترأس الدوق الجلسة.

يرفض شايلوك كل عروض المال ويصرّ على اقتطاع رطل

 اللحم من جسد أنطونيو.

يدخل محامٍ شاب (هو في الحقيقة بورشيا متنكرة) ويبدأ بالدفاع

 عن أنطونيو.


يٌفاجئ الجميع حين يستخدم منطق القانون

 ضده "إن العقد يمنحه رطلاً من اللحم،

 ولكن دون نقطة دم واحدة!"

يُدان شايلوك ويُجبر على التنازل عن

ثروته، والتحول إلى الدين المسيحي.



الفصل الخامس

في قصر بورشيا. تحدث المفاجأة، مشاهد رومانسية وظريفة

 تكشف تنكر بورشيا ونيريسا كرجال

قانون.

فيكتشف الجميع الحقيقة، وتعود السعادة

لتسكن قلوبهم. 



ختام المسرحية يكون بالحب، السلام، والتسامح بين الشخصيات

الأساسية، باستثناء شايلوك.



المواضيع الرئيسية في "تاجر البندقية"

العدالة مقابل الرحمة


شايلوك يطالب بتنفيذ القانون حرفياً: "رطل من اللحم".

بورشيا (كمحامٍ متنكر) تطالب بالرحمة "الرحمة ليست مُجبرة،

 بل تنزل كالمطر الهادئ من السماء".

الصراع هنا هو بين قانون صارم بلا إنسانية (يمثله شايلوك)،

 ورحمة إنسانية تتجاوز القوانين (تمثلها بورشيا).




المال مقابل الحب

بسانيو يحتاج مالاً للفوز ببورشيا، لكن لا يُظهر أنه يطمع في

مالها بل في شخصها. فالحب الصادق لا يُقاس بالمظاهر.


الهوية والانتماء 

جيسيكا تهرب من أبيها شايلوك المرابي وتتنصّر، مما يطرح

 تساؤلات؟ 

هل تهرب من الدين؟ من أبوّة قاسية؟ من مجتمع يكرهها؟ هل

 فقدت هويتها أم وجدت حريتها؟ 

شكسبير لا يعطي جواباً مباشراً، لكنه يترك الباب مفتوحاً للنقاش

 حول التحول الديني، والانتماء الاجتماعي.



المرأة والعقل

بورشيا شخصية استثنائية، تخوض اختبار الزواج بشروط

مفروضة عليها لكنها تستخدم عقلها

لاختيار الرجل المناسب.

تتنكر كرجل وتحلّ نزاعاً قانونيياً معقداً.

نيريسا وجيسيكا أيضاً فاعلتان.


وهنا نفهم أن صورة المرأة في المسرحية تختلف عن النمط

 السائد في الأدب الكلاسيكي: ذكية، قوية، فعالة، وعقلانية.







ويليام شكسبير 1564–1616

كاتب مسرحي وشاعر في الأدب الإنجليزي

 والعالمي. وُلد في ستراتفورد أبون آفون

 بإنجلترا، وعُرف بلقب "شاعر إنجلترا

 الوطني".

تزوج من آن هاثاواي وأنجب ثلاثة أطفال.

 شهدت حياته فجوة غامضة بين 1585–1592 تُسمى

 "السنوات الضائعة"، حيث لا تُوجد سجلات مؤكدة عن أنشطته

 (وقد قيل إنه عمل مُدرساً أو صبياً عند جزار أو كاتب

 محامٍ). 

 
انتقل إلى لندن عام 1588، وانطلق في عالم المسرح كممثل

 وكاتب، ثم أسس مع زملائه مسرح "جلوب" الشهير وشركة

 "رجال الملك"، تحت رعاية الملك جيمس الأول.

 
توفي في يوم ميلاده الـ52 (23 أبريل 1616)، ويرجح أن

 سبب وفاته كان حمى ناتجة عن إفراط في الشرب. قيل أنه

 ارتبط بعلاقة غرامية سرية بفتاةٍ من الطبقة النبيلة، لكن

 عائلتها أجبرتها على الزواج والرحيل مع زوجها عن إنكلترا. 

اتُهم بانتحال أعمال كتّاب آخرين (مثل كريستوفر مارلو)، لكن

معظم الأدلة تؤكد أصالة إنتاجه. 



أشهر أعماله الأدبية

أبدع شكسبير 39 مسرحية و154 سوناتة وقصيدتين سرديتين

طويلتين، تُرجمت إلى 80 لغة.

 

المسرحيات التراجيدية

- هاملت (1600–1602)

- عطيل (1603)

- الملك لير

- ماكبث



المسرحيات الكوميدية

-حلم ليلة منتصف الصيف.

- تاجر البندقية.

- الليلة الثانية عشرة.



المسرحيات التاريخية والرومانسية

- يوليوس قيصر (1595)

-روميو وجولييت (1591–1595)

- العاصفة. 



الأثر الثقافي

لا تزال مسرحياته تُدرس ويُعاد تفسيرها في سياقات سياسية

واجتماعية معاصرة. حياته كما تحولت إلى أفلام ومسلسلات

 عالمية.



حقوق تلخيص المسرحية والصور لمدونة أدب عالمي

 

المتشكك

 
هناك قصة ممتعة عن جحا وابنه، عندما أنذره من أن يضيع

المال وهو عائد من السوق. أنذره ثم صفعه على وجهه بقوة!... ولما تساءل الناس "لماذا تصفعه وهو لم يضيع المال بعد؟". قال لهم "لو صفعته بعد ضياع المال فلن أستفيد شيئاً، أما بهذه الطريقة فهو لن يضيع المال أبداً لأنه جرب ألم الصفعة".


عرف الأستاذ عفيفي صحة هذه القصة فيما بعد. كان يحب سمك الثعبان جداً، وبالطبع لا يجده بسهولة في المتاجر. ثم إنه وجده يباع في محل أسماك فابتاع منه كمية.
هكذا جلب السمك لزوجته السيدة رتيبة، وطلب منها أن تعدّه في صينية مع البطاطس. كان كمن يجلب لزوجته صينية من الزمرد والعقيق... لا بد أن ماجلان لم يتعامل مع التوابل والفلفل بهذا الحرص.

منذ هذه اللحظة بدأت معاناته... معاناة الأستاذ عفيفي وليس ماجلان طبعاً. يعرف جيداً أنها ستحرق الصينية. لا يمكن للمرء أن يكون حذراً أكثر مما يجب وهو يعرف أن الناس جميعاً حمقى.

ذهب لزوجته وأنذرها من حرق السمك.
قالت له في غيظ إنها لا تحرق الطعام، فقال إن هذا سيحدث اليوم.

عاد يقرأ الجريدة... ثم وجد أنه متوتر ولا يركز فيما يقرأ، فنزل إلى الشارع... عندما جلس في المقهى خطر له أنها سوف تعد أرزاً أحمر بدلاً من الأبيض... سوف تقول له إذا اعترض "ألم تشترط أنت أن يكون الأرز أحمر؟"
وسوف يجن وهو يقسم أنه لم يقل هذا.
اتصل بها وقال بصوت سمعه المقهى كله "الأرز أبيض يا حمقاء!.. هل فهمت؟".

وراح يقرأ الجريدة من جديد، ثم تذكر أنها بالتأكيد سوف تتخلص من قطع السمك التي تجدها دهنية أكثر من اللازم... "هذه المجنونة!"
جرى إلى البيت يقتحمه وصاح في زوجته "لا تلقي بالدهن... دهن السمك يحوي مادة أوميجا 3 وهو مفيد!".
نظرت له في دهشة وأكدت أنها لم تتخلص من دهن السمك قط من قبل.

كان متوتراً... سوف تفسد كل شيء ولن يستطيع عمل أي شيء، ولسوف يلتهم نفسه من الغيظ... "تلك البلهاء.. تلك البلهاء التي تملك عقل دجاجة".

مع الوقت شعر بأنه يكرهها بجنون وبأنه لا يطيقها، وبدأ يفكر جدياً في أن يستل السكين ويقتلها... لا... سوف يشنق بلا سبب ولن يقتنع أحد بالمبررات. فكر في أن يطلقها، لكن هذا يعني أنه لن يتناول وجبته المفضلة.

هكذا جلس في الصالة يتلوى من العذاب والقلق، وراح يدعو عليها ويتلو أدعية الرحمة على أمه التي كانت تؤمن بأن زوجته بلهاء لا خير فيها.

عندما جاء الطعام أخيراً نسي كل هذا... لقد كانت طبخة موفقة فعلاً، وهكذا ظل يلتهم السمك حتى شعر بأنه موشك على الاختناق.


في اليوم الثاني ذهب للعمل. اتصل به عميل الشركة من اليابان يطلب صورة من أحد العقود، فقام يرسله له على الفاكس.
خطر له أن ذلك الأحمق سوف يصله الفاكس، وسوف يزعم أنه لم يستطع قراءته لأنه غير واضح... شعر بدمه يغلي من الغيظ.
في النهاية اتصل بالعميل في اليابان، وعندما رفع سماعة الهاتف صاح فيه:
ـ الفاكس واضح أيها الكذاب فلا تزعم العكس!
ثم وضع السماعة راضياً.

ترى لماذا يتصرف الناس بحماقة!؟... لماذا يخذلونه!؟... لكنه لهم بالمرصاد.



 

د. أحمد خالد توفيق 1962- 2018

 طبيب مختص بأمراض المناطق الحارة من مصر، امتهن الكتابة وأشتهر بأسلوبه الممتع والساخر.


من أعماله
- سلسلة ما بعد الطبيعة.
- سلسلة فانتزيا.
- وسلسلة سافاري .


روايات
- يوتوبيا 2008 وقد ترجمت إلى الإنكليزية والفرنسية

 والألمانية والفنلندية. 

- السنجة 2012

- مثل إيكاروس 2015



مجموعات قصصية

- قوس قزح
- عقل بلا جسد
- سر ال أوضة رقم 207

إضافة إلى ترجماته العديدة للروايات والكتب، وكتابة المقالات والكتب المتنوعة الموضوعات.

توفي عام 2018 إثر عملية كوي للقلب، لعلاج عدم انتظام دقات القلب.

وقد ترك الدكتور أحمد خالد توفيق الكثير من الروايات والكتابات النقدية، وكان واحد من أبرز كتّاب قصص التشويق والشباب في الوطن العربي، وقد تميز بأسلوبه الممتع والمشوق، مما ساهم في شهرته وشهرة أعماله.





أوغو

 
"أوغو" لصّ يسرق نهاية كلّ أسبوع فقطّ، يتسلّل كل ليلة سبت إلى أحد المنازل.

فضبطته "آنا" الثّلاثينية الجميلة الدّائمة السّهر، متلبّساً بجريمته.
بعد أن هدّدها بالمسدّس سلّمته حليِّها وأشياءها الثّمينة، راجيّة منه ألاّ يقترب من طفلتها "باولي" ذات الثّلاث سنوات.
مع ذلك فقد لمحته الطفلة التي أسرتها بعض حيله السّحرية.

فكّر أوغو "لماذا عليّ أن أرحل باكراً، ما دام الوضع جيّداً هنا؟".
فبإمكانه البقاء طيلة نهاية الأسبوع والاستمتاع كليّاً بالأجواء، إذ أنّ الزّوج لن يعود من سفره إلاّ مساء الأحد- يعلم بالأمر بعد أن تجسّس عليهم- لم يفكّر اللّص طويلاً فارتدى ملابس ربّ البيت وطلب من "آنا" أن تطبخ له وتجلب النّبيذ من القبو وتضع شريط الموسيقى أثناء تناولهم العشاء، فبالنّسبة له لا حياة دون موسيقى.

كانت "آنا" منشغلة البال بطفلتها "باولي" وبينما كانت تحضّر وجبة العشاء خطرت لها فكرة للتّخلص من هذا الشّخص. لكن ليس باستطاعتها فعل الكثير فأُوغو كان قد قطع أسلاك الهاتف، والمنزل منعزل وكان الوقت ليلاً ولا أحد سيأتي. فقررت "آنا" أن تضع قرصاً منوّماً في قدح "أوغو".

أثناء تناول العشاء اكتشف اللّص، الذي كان يعمل باقي أيّام الأسبوع كحارس لأحد البنوك، أنّ "آنا" هي مقدّمة برنامج الموسيقى الشّعبية الذي يستمع إليه كلّ ليلة وبدون انقطاع. فهو من المعجبين بها أيّما إعجاب، وبينما كانا يُنصتان إلى العملاق "بيني"* يُغنّي أغنيةCómo fue تحدّثا عن شؤون الموسيقى والموسيقيّين.
ندمت "آنا" على تنويمه، بما أنّه يتصرّف بهدوء وليس في نيّته أذيّتها أو التهجّم عليها. لكن فات الأوان فالمنوّم في القدح واللّص قد تجرّعه كاملاً وهو في قمّة السّعادة. مع ذلك، وقع خطأ ما، فمن شرب من القدح التي بها المنوّم كانت هي، وعلى إثرها استسلمت للنّوم بسرعة.

في اليوم الموالي استيقظت "آنا" وهي بكامل لباسها وعليها لحاف يدثّرها بشكل جيّد في غرفتها.


في الحديقة كان "أوغو" و"باولي" يلعبان بعد أن أتمّا تحضير الإفطار. اندهشت "آنا" من منظرهما وهما في قمّة الوئام، كما بهرتها طريقة هذا اللّص في الطّبخ، كان جذّاباً بما يكفي. فبدأت "آنا" تشعر بسعادة غير عاديّة.

في تلك اللّحظات قدِمت إحدى صديقاتها تدعوها لتناول الغذاء معاً، فتوتّر "أوغو" لكنّ "آنا" رفضت الدّعوة متعلّلة بمرض الطفلة فودّعت صديقتها على الفور.
وهكذا بقي الثّلاثة في المنزل مجتمعين للاستمتاع بعطلة يوم الأحد. كان "أوغو" يترنّم مطلقاً صفيراً وهو يصلح النّوافذ وأسلاك الهاتف التي عطّلها في اللّيلة الماضيّة. انتبهت "آنا" إلى أنّه يتقن رقصة "الدّانثون"، رقصتها المفضّلة لكنّها لم تستطع ممارستها مع أيّ شخص. فاقترح عليها أن يرقصا معاً هذه الرّقصة، فالتحما وشرعا في الرقص إلى أن حلّ المساء.
كانت "باولي" تراقبهما وتصفّق إلى أن نامت في آخر المطاف. بعد أن نال التّعب من الرّاقِصَيْن استلقيا على إحدى الأرائك في البهو. في تلك الأثناء، لم يجدا ما يقولانه، وقد نسيا أن ساعة قدوم الزّوج قد حانت.
فأعاد لها "أوغو" المسروقات رغم إصرارها على عدم استردادها وأعطاها بعض النّصائح حتى لا يتمكن اللّصوص من التّسلل إلى منزلها. وودّع المرأة وابنتها وهو حزين. 

كانت "آنا" تنظر إليه وهو يبتعد، فنادته بأعلى صوتها قبل أن يتوارى عن ناظريها، ولدى عودته أخبرته أن زوجها سيعاود السفر مجدّداً نهاية الأسبوع القادم. فعاد أدراجه سعيداً وهو يرقص مجتازاً شوارع الحيّ بينما بدأ الظّلام يرخي سُدوله.





* بِيني موري هو اسم الشهرة للمغني والملحن الكوبي ماكسيمليانو موري غوتيرِّيس 1963- 1919


هذه أول قصة قصيرة لغابرييل غارسيا ماركيز فاز عنها بأول جوائزه الأدبية. 

غابرييل غارثيا ماركيث 1927- 2014
روائي وصحفي وناشط سياسي كولومبي. وُلد في أراكاتاكا، ماجدالينا في كولومبيا. عاش معظم حياته في المكسيك وأوروبا.


من أشهر أعماله الروائية

- الحب في زمن الكوليرا حوِلت إلى فيلم سينمائي.

- خريف البطريرك

- مائة عامٍ من العزلة

سيناريوهات الأفلام السينمائية

- الاختطاف (1982)

- إيرينديرا البريئة (1983)


ترجمة توفيق البوركي

 

الثـــــــأر

بعد مراسم الدفن، جمعت المرأة أبناءها الخمسة حولها، كما لو أنها تحاول وإياهم عمل المستحيل لإعادة استحضار زوجها جواوو فلورو الذي اغتيل أول أمس.
بيد أن هذه المواساة الحزينة لم تقوِّ سوى يقينها بأنها أصبحت وبمعية أبنائها الخمسة بلا أب. وأجهشت باكية.
من الخارج أتى نداء:
ـ هل من أحد هنا؟
ردت باكية:
ـ من هناك؟
ـ شخص يريد لكم الخير.
مسحت عينيها بأسفل التنورة التي تنزل إلى ما تحت الركبتين، وذهبت لتعرف من يكون ذاك الشخص. رجل ذو قامة فارعة، ولحية بيضاء، يقف قرب فجوة أحدثها الباب الذي لم يكن مغلقاً.
كان ذاك الشخص هو الكولونيل أورينسيو. جاء شخصياً ليقدم لها دعم العدالة، وكذلك ليعلن لها أنه لن يدخر جهداً داخل البلد، واعداً إياها أن ينفذ مهمته "الذي يقتل يجب أن يموت".
لا... المرأة لا تريد انتقاماً. يكفي ما سال من دماء. لقد فوضت أمرها لله.
ـ لكن، باسم الرب أتيت إلى هنا- قال الرجل- المجرم في الأسر، وعليه الآن أن يؤدي من حياته ثمن قتله المرحوم جواوو فلورو، صاحب الروح الطاهرة، والذي مات بريئاً!
ـ لست سوى أرملة بائسة- أنّت المرأة- لدي خمسة أطفال هم في حاجة إلى رعاية. أعرف كولونيل أورينسيو مدى ما لديك من نفوذ وقوة. لكن وأرجوك ألا تعتبر طلبي إساءة إليك، ليس استعمال هذا النفوذ هو الذي سيساعد أطفالي. ليس الثأر هو الذي سيمكنني من إعالتهم.
ـ ليس هناك علاقة بين الاثنين- قال الكولونيل- أطفال الراحل جواوو فلورو لن يموتوا جوعاً، بفضل الرب، على الأقل ما دمت على قيد الحياة. لكن القرار اتخذ، سيُثأر لجواوو فلورو، لأن ذلك هو الذي يجب أن يحدث. عندي سلفاً الشخص الذي سيقوم بهذه المهمة.
ورفع يده مودعاً:
- ليرعاك الرب، سيدتي إيرنيستينا.

ثم فرقع أصابعه مثيراً انتباه كلب ضخم أشهب تبعه حالاً وفي صمت، ابتعد على الطريق الذي يحاذي الحاجز، وتوارى خلف أجمة أشجار ذات أغصان مشذبة .

كان جواوو فلورو بريئاً. لم تكن له علاقة بسرقة الأبقار. يا للرجل التعس! أي رغبة تلك التي دفعته ذلك اليوم ليذهب إلى المدينة.
فكرة واحدة كانت تشغل بورسينو، مالك الأبقار، ويدافع عنها ألا وهي أن الحق إلى جانبه. كان يريد أن ترد إليه بهيمته، هذا كل ما في الأمر، كانت بقرة جيدة، وكانت تحمل علامة. وحتى لو لم تكن كذلك، فإنها كانت تعتبر واحدة من قطيعه، هذا كل شيء... لكل واحد ما كسب.
انطلق الجدال في السوق. ارتفعت درجة حرارة بورسينو ، فدفع جواوو فلورو، ثم وقد فقد كل سيطرة على نفسه، ومدفوعاً برغبة في سفك الدماء والقتل... انتهى به المطاف إلى أن يطعنه بخنجره في بطنه لمرات ثلاث، من تحت إلى فوق وبكل ما أوتي من قوة.
سقط جواوو فلورو على الأرض. لكنه تلقى طعنة رابعة، وهذه كانت في القلب، لتصفيه تصفية نهائية.

" إنسان جبان و دنيء"... قال الكولونيل أورينسيو في داخله، بينما هو يسير، مسترجعاً ما نقله إليه شاهدان كانا حاضرين لحظة الحادث "القروي بيدرو بولينو وابنه، شخصان يُشهد لهما بالاستقامة، وهما محل ثقة، ويستحيل أن يكذبا. وهما اللذان حضرا وقائع الحادثة كلها، وكان أن ثارت ثائرتهما.
وبورسينو؟ هل بقي هناك، ذاك النذل؟ هل فر هارباً؟
فر إلى مركز البوليس، وهناك سلم نفسه للعدالة. لم يكن له خيار ثان. السجن كان المكان الوحيد الذي يضمن الأمان لحياته، ذلك لأنه يعرف الآن، والرب وحده يعرف كيف نسي في سورة غضبه، أن جواوو فلورو يتمتع بحماية الكولونيل أورينسيو.


عاد الكولونيل أورينسيو إلى بيته واستدعى الرجل الذي اختاره للمهمة:
ـ حاول العثور على وسيلة ليُقبض عليك. وحين تصير في

السجن، وفي اللحظة المناسبة، تخلص من بورسينو، لكن افعل بسرعة. لقد قتل جواوو فلورو دون سبب، وعليه أن يؤدي ثمن ما تسبب فيه من أّذى. الذي يقتل يجب أن يموت. بعد ذلك سأعمل على إخراجك من السجن. أم أن لديك شك في ما لدي من نفوذ!؟

بيزيكا، هكذا يلقب الرجل المكلف بالمهمة، ملون، ذو أنف شامخ، لم يكن لديه شك في ذلك. من يكن تحت حماية الكولونيل أورينسيو لا يظل في السجن ولو بسبب قتل. يكفي أن يمثل أمام المحكمة، ثم يطلق سراحه بعد ذلك. كان الكولونيل أورينسيو ذا نفوذ كبير، وحين يقدم وعداً، فلا بد أن يفي به .
ـ عندما تصبح حراً، سأسلمك النصف الآخر، تابع الكولونيل. والآن يمكنك أن تنصرف. اذهب، واعمل على أن تجد وسيلة ليُقبض عليك.
طبعاً، عليه أن يجد طريقة ليُقبض عليه، لأنه إذا لم يودع السجن، فلن يتمكن من الدخول، وإذا لم يتمكن من الدخول، فلن يتمكن من الاقتراب من بورسينو والقضاء عليه.


اختلق فوضى في ملهى للقمار. لكن ولا أحد استدعى البوليس للقبض عليه. فقط تصايحوا:
ـ أخرجوه من هنا !
و بعدها مباشرة، أخذوا بيزيكا من رقبته ورموا به إلى الخارج، مغلقين خلفه الباب. خبط على الباب، مهدداً بتحطيمه. وفي النهاية توقف عن الاستفزاز. أولئك الذين كانوا يلعبون في الداخل لم يحركوا ساكناً.
الوحيد الذي تحرك، كان هو بيزيكا، الذي توجه إلى بار. طلب قنينة "كشاسا"، معلنا أنه لن يؤدي ثمنها، مصمما على أن يصل إلى هدفه: إحداث الفوضى، ودخول السجن. لكنهم أحضروا له الشراب، لأن رجلاً انبثق من حيث لا يدري قائلاً بهدوء، وبنبرة ودية:
- حسنا، أنا الذي أؤدي الثمن.
وبالإضافة إلى القنينة الأولى، قنينة أخرى، واثنتين أخريين، الأخيرة سعتها لتراً بالتمام والكمال.
وفي خضم " الكشاسا"، لم تحدث المشاحنة التي كان على بيزيكا أن يحدثها، تحولت إلى صداقة. حتى أن جندياً من الكتيبة كان يتواجد في عين المكان انضم إليهما، وشاركهما الشراب.

أغلق البار أبوابه، والعديد من السكارى توزعوا عبر الدروب. وفي أول ركن من الزقاق، وبينما كان بيزيكا يتلفظ بكلمات نابية، تذكر فجأة أمر الكولونيل أورينسيو.
"حاول أن تجد وسيلة للقبض عليك".
بداية، ولحظة التذكر، خيل إليه أنه يسمع صوتاً قادماً من بعيد، لكن مباشرة بعد ذلك، خيل إليه أن هناك من يصرخ قرب أذنه.
لم يضيع وقتاً.
لمح عاهرة على الجانب الآخر من الزقاق، أسفل عامود نور. اقترب منها، كما لو أنه يريد منها شيئاً آخر، وطعنها بسكين طعنتين ـ الواحدة تلو الأخرى. في هذه المرة، كان يجب القبض عليه.
أطلقت الفتاة صرخة مرعبة وسقطت مترنحة على الرصيف. كان أشخاص قد تجمعوا، أقبل جنديان وقادا بيزيكا إلى السجن.
صرح أثناء الاستنطاق:

- أردت فقط أن أخدش ذراعها بسكيني. لكنها تحركت خطأ فأصابها النصل إصابة بليغة حد الإدماء. ـ تحركت خطأ، هه؟ قال وكيل الأمن. حسناً، لتعلم أنك قتلت الفتاة. إنها الجريمة الأكثر دناءة التي لم نشهد مثلها أبداً هنا.
ووضع السكين في الدرج كي يقدمه يوم المحاكمة.

أودع بيزيكا السجن، أخيراً سيجد بورسينو. أسبوعان بعد ذلك، وذات ليلة، وبينما كان بورسينو يغط في نوم هادئ، جذب منه بيزيكا حزامه وطوق به عنقه، ثم شنقه.
أطلق بورسينو أنة مختنقة، لكنها كانت من القوة ما جعل بقية السجناء يستيقظون. كانوا أربعة، وغضباً مما رأوه، دفعوا بيزيكا إلى ركن الجدار وبواسطة ملاءة، شنقوه بدوره.

في الصباح الباكر، عثر حارس السجن على الميتين.
ولا تزال التحريات جارية.

الكولونيل أورانسيو، عندما علم بما حدث، قال للذي حمل له الخبر:
ـ لقد نال النهاية التي يستحقها. ـ من؟ سأل الرجل. بورسينو أم بيزيكا؟
رفع الكولونيل عينيه إلى السماء، وأجاب بهدوء، بعد أن صنع بأصابعه في الهواء إشارة صليبه:
ـ الاثنان... كل واحد منهما يشبه الآخر.


إيربيرتو ساليس
مواليد باهيا/البرتغال عام 1917.
صحفي- ناشر- روائي وقصصي. تحصّل على الكثير من الجوائز الأدبية. عضو الأكاديمية البرازيلية للآداب.

من أعماله:
- حكايات عادية 1966
- رواية أوجه الزمن. صدرت بالفرنسية سنة 1991.

للأسف لا يوجد على الشبكة العنكبوتية أي معلومات إضافية عن الكاتب.

نقلها إلى اللغة العربية: عبد الحميد الغرباوي


 

Twitter Bird Gadget