الطيور



 
تبدأ الأحداث مع قدوم فصل الشتاء في قرية ريفية تسمى "هيتش" في كورنوال/بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
حين يلاحظ محارب متقاعد يُدعى "نات هوكن" الطيور البحرية في بلدته وقد بدأت تتصرف بغرابة، بمعنى آخر، أصبح سلوكها عدوانيًا تجاه البشر.


كان أول ما لفت نظره إلى سلوك الطيور هو أن واحدًا منها هجم عليه ونقره في يده مسببًا جرحًا نازفًا، كذلك يلاحظ تجمع الطيور حول بيته وتسلل عدد منها إلى غرفة أبنائه. كما لاحظ وجود عدد كبير من الطيور ومن ضمنها النوارس تتجمع فوق سطح البحر، عندها قرر أن يغطي جميع نوافذ منزله للحماية.
عندما يصارح المحارب أبناء بلدته بشكوكه ومخاوفه لا يصدقونه، ولكن سرعان ما تتأكد جميع مخاوفه عندما يسمع في الإذاعة الرسمية أخبارًا مفادها أن الطيور بدأت تتجمع في أنحاء مختلفة من بريطانيا، وأن الكثير من الأشخاص تعرضوا لهجومها.

بعد تقرير الإذاعة الرسمية تبدأ الطيور بمهاجمة الناس في جميع أنحاء البلاد وتُعلن حالة الطوارئ الرسمية فيها، كما يُطلب من السكان عدم مغادرة بيوتهم.

ذات ليلة وقد ارتفع المد البحري، وأثناء تناول "نات" وأسرته العشاء، تُسمع أصوات الطائرات وهي تحلق فوق البلدة، لكنها سرعان ما تتحطم نتيجة هجوم الطيور عليها.
في صباح اليوم التالي يصبح الوضع أكثر هدوءًا، ولكنه هدوء مخيف، حيث لا يُسمع فيها صوت بشر، بل إن الإذاعة والبث اللاسلكي صامتين، يلاحظ المحارب اختفاء الطيور فيفترض إنها لا تهاجم إلا أثناء ارتفاع المد، فيخرج من بيته للحصول على بعض المؤونة. يتجول في أنحاء البلدة فلا يرى فيها أي أثر للحياة، بل يجد في طريقه الكثير من جثث القتلى نتيجة هجوم الطيور عليهم، ومعظمهم من جيرانه ومعارفه. كذلك يرى العديد من الطيور الميتة.

فيعود إلى منزله ليعزز حمايته ضد هجوم الطيور. وبالفعل تعود الطيور للهجوم مرة أخرى، بحيث تصبح أجواء البلدة مشحونة بالخوف والغموض، الناس عاجزين أمام هذا الرعب في مواجهة كارثة طبيعية لا تفسير لها.

تنقل لنا القصة وصف دقيق للطبيعة والصراع بين الإنسان والطبيعة العدائية، دون أن تقدم نهاية سعيدة أو نمطية، تاركة القارئ في حالة توتر وانتظار لما قد يحدث، مع تركيز على الطابع النفسي والرعب من الطبيعة التي تقلب حياة البشر رأسًا على عقب.



مواضيع رئيسية: الرعب النفسي: تركز القصة على الخوف والذعر الذي يصيب السكان وهم يرون الطبيعة نفسها تتحول ضدهم.
العجز البشري: تُظهر القصة ضعف الإنسان أمام قوى لا يمكنه التحكم فيها.
استعارة للحرب: تُعد القصة استعارة للمخاوف المرتبطة بالحرب، خاصة قصف لندن خلال الحرب العالمية الثانية، وتعكس حالة عدم الاستقرار وعدم اليقين التي قد تسود المجتمعات في أوقات غير مستقرة.



باختصار قصة "الطيور" تجسد قلق إنساني من ظاهرة طبيعية مفاجئة تحولت إلى خطر يهدد البشر في إطار مشوِّق ورعب نفسي مع لمسات غامضة تميز أسلوب دافني دو مورييه الأدبي.

ظهرت قصة "الطيور" ضمن مجموعة دافني القصصية القصيرة "شجرة التفاح" نُشرت عام 1952. وتحولت إلى فيلم شهير عام 1963 من إخراج ألفريد هيتشكوك، لكن دو مورييه لم تُعجَب كثيرًا بطريقة التحويل، حيث اعتبرت أن الفيلم شوه فكرتها الأصلية وأفقد القصة جوهرها الذي جاء من الطبيعة العنيفة والحادة للطيور في بيئة ريفية موحشة. فالفيلم أضاف عناصر درامية مختلفة وأقام أحداثه في كاليفورنيا مع شخصيات تختلف عن القصة الأصلية.


الاختلافات الرئيسية بين قصة "الطيور" لدافني دي مورييه وفيلم ألفريد هيتشكوك هي:

1. الأحداث والشخصيات والمكان: 
. في قصة دافني، تدور الأحداث في ريف كورنوول البريطاني، والشخصية المحورية هي نات هوكن، عامل حقل يحاول حماية عائلته من طيور عدوانية تهجم فجأة.

· في فيلم هيتشكوك، تم نقل الحدث إلى بلدة ساحلية في شمال كاليفورنيا، والشخصيات مختلفة، خصوصًا البطلة ميلاني، الفتاة الثرية التي تهاجمها الطيور، مع حضور شخصيات لطيفة من سكان المدينة بما يخالف جو القصة الأصلي.

2. نوع الهجوم وسلوكه: 
· القصة الأصلية تصور هجوم الطيور في إطار ريفي وبأسلوب درامي مرتبط بالصراع البشري والبيئي المباشر.

· الفيلم يصور الطيور ككائنات عدائية بصورة واسعة وعلمية نوعًا ما، مع عدم تفسير واضح لأسباب الهجوم، ليصبح حدثًا رمزيًا يحمل تهديدًا شاملًا للبشرية.

3. الطابع والنهاية: 
· في القصة، النبرة أكثر هدوءًا مع غموض محدود ولا نهاية سعيدة محسومة.

· في الفيلم، هيتشكوك أضاف جانبًا من الضوء والخيال العلمي مع نهايات درامية وأحداث مشوقة، مثل محاولة النجاة والهجوم الكثيف على المنزل، إضافة إلى رمزية قوية كالطيور التي تسجن البشر كما في الأقفاص.

4. الرسائل والرمزية: 
· دافني تصور الصراع في إطار العلاقة بين الإنسان والطبيعة وظروف الريف الوحشي.

· هيتشكوك أضاف بعدًا فلسفيًا وأيديولوجيًا ينتقد فيه تسلط الإنسان على الطبيعة والغطرسة البشرية، ويعرض عقاب الطبيعة للبشر من خلال الطيور، مع سردية معقدة عن ضعف الإنسان داخل "قفصه" المادي والنفسي.



دافني دي مورييه (1907-1989)
روائية وكاتبة مسرحية إنجليزية شهيرة، تُعد واحدة من أبرز كتّاب القرن العشرين. عُرفت بقدرتها الاستثنائية على خلق أجواء غامضة ومشحونة بالتوتر، وبناء قصص لا تُنسى.


أهم أعمالها الروائية 
- قريبتي ريتشل 
- ريبيكا

إضافة إلى مجموعة قصصية بعنوان شجرة التفاح، التي أخذت منها قصة الطيور. 
والكثير من الروايات التي لم تجد طريقها للترجمة إلى العربية بعد.





 

 

No comments:

Post a Comment

Twitter Bird Gadget