السجينة ل مليكة اوفقير


 الرواية عبارة عن سيرة ذاتية لحياة مليكة اوفقير كتبتها "ميشيل سوفيتي"، تحكي فيها قصة حياتها بحلوها ومرها، قصة امرأة عاشت حياة البذخ والغنى الفاحش والدلال، حياة القصور بكل معانيها من بذخ وترف وعبيد ومال وبرتوكولات:

مليكة هي ابنة الجنرال محمد أوفقير الذي كان يعمل وزيراً للدفاع في المملكة المغربية أثناء عهد الملك الحسن الثاني، هذا الإسم الذي كان يثير الرعب في نفوس المغاربة في ذلك الوقت، فهو الرجل القوي وصاحب النفوذ الكبير.







كانت عائلة اوفقير مقربة من الملك وكانت ام مليكة تتردد بزيارة القصر، وفي احد الزيارات اصطحبت معها مليكة "كيكا" وكانت
تبلغ من العمر 5 سنوات، وبعد فترة طلب الملك من والدي مليكة ان تنتقل "كيكا" وتعيش في القصر لـ تكون رفيقة ابنته الصغيرة المدللة أمينة "للا مينا".




على الرغم من انها كانت في وضع يشبه الروايات الخيالية الا انها كانت تفتقد والديها كثيراً علماً بأنه كان يُسمح لها بزيارتهم الا انها كانت لا تمضي الكثير من الوقت معهم حيث كانت تأتيها الاوامر بضرورة الرجوع الى القصر بحجة ان "للا مينا" مشتاقة لها.

"أمّر ما في التبني أنه يجتثك من جذورك و يجردك من هويتك الحقيقية ويحرمك من حقك في الحرية والإختيار !"

بعد أول محاولة إنقلاب تم إحباطها توترت العلاقة بين الملك الحسن الثاني والجنرال أوفقير بسبب شكوكه بأن له يد فيها. وفي السنة التالية 1972 يتعرض الملك الحسن الثاني  لمحاولة اغتيال، حيث تُقذف الطائرة الملكية بوابل من الرصاص فوق مدينة "تطوان". اتهم بتدبيرالعملية الجنرال أوفقير، الا ان المحاولة قد أخفقت، وعلى اثرها تم اعتقال الثوار في المعتقل وعلى رأسهم محمد أوفقير لاتهامه بالضلوع فى الانقلاب.

"كيف لأبي أن يحاول قتل من رباني وكيف للأخير الذي طالما كان لي أباً آخر أن يتحول إلى جلاد"!

بعد إعدام أوفقير بالرصاص وبعد انتهاء مدة الحداد بدأت رحلة
مليكة وعائلتها في المعتقل، وبالرغم من كل محاولات الرؤساء في العالم وكل الالتماسات التي قدمتها العائلة خلال اعياد ميلاد الملك واعياد الجلوس على العرش الا ان الملك أمر بحبس العائلة بسجون افرادية داخل معتقل سري في أعماق الصحراء المغربية على الحدود السنغالية لمدة تزيد على 18 عام وفي هذا السجن نسي الملك امرهم تماماً.



"كل هذه الأهوال والويلات على أطفال أبرياء؟ 
هل هنالك في العالم قانــون يقضي بـ إنــزال العقاب بذرية المجرم."


هذه النقلة السريعة من حياة القصور والترف إلى غياهب السجون تركت أثراً وجرحاً عميقاً وغائراً في نفوس العائلة بأجمعها .

كانت العائلة مكونة من الزوجته فاطمة والابناء: (مليكة 18 عاماً) ، (مريم 16 عاماً) ، (رؤوف 13 عاماً)، (ماريا 7 سنوات)، (سكينة 6 سنوات)، (عبداللطيف 3 سنوات) ورافقهم في رحلة العذاب الخادمتان (حليمة) و (عاشوراء) اللتان إختارتا هذا النفي طواعية.

 كانوا يعانون كل انواع التعذيب وسوء التغذية والمياه الملوثة، لأنهم ينتسبون لعائلة الوزير "الخائن". وقد تم حبس افراد العائلة  في زنزانات افرادية فكانوا يرون بعضهم البعض من خلال انعكاسات المياة الراكدة في الزنزانة.
يصعب وصف العذاب حين يتعلق الأمر بالسجون المطمورة تحت الأرض ويصعب التكهن بحجم المأساة حين يكون كل ذلك على يد سلطة، اعتادت أن تعيش على البطش لحفظ كراسيها بالتجويع والترهيب والزنزانات الأرضيّة.
وسجون المغرب في ذلك العهد- خاصة سجون المعارضين السياسيين- تثير الذعر والهلع في النفوس فالداخل إليها مفقود، والخارج منها مولود.

عشرون سنة من الذل والهوان والحرمان يتنقلون فيها بين سجن
وآخر يعيشون بين الجدران، يتقاسمون الأكل مع الجرذان، وينامون مع الصراصير.
في فترة من الفترات سمحوا للطفل عبداللطيف بتربية الحمام. غضب الملك عندما علم بذلك فأمر الحراس بذبح حمامتين كل يوم أمام عين الطفل وعائلته.



بعد سنوات من السجن المنعزل والاوضاع الصعبة والعذاب  تأكدوا ان الملك لن يعفُ عنهم، فقررت العائلة الهروب من السجن وتم ذلك لهم حيث حفروا خندقاً طوله 5 أمتار بأدوات بدائية (ملعقة ، أغطية علب السردين)، يصل من داخل السجن حتى خارجه تحت الاسوار الاسمنتية، وقد استطاع ضعاف البنية من العائلة الخروج وهم مليكة واختها ماريا واخيها الاصغر.

تدخل مليكة السجن وعمرها 23 عاماً وتخرج وعمرها 43 عاماً. يدخل السجن عبد اللطيف وعمره 3 سنوات ويخرج وعمره 23 ليرى لأول مرة في حياته التلفاز وكذلك المباني والشوارع والأشجار، فعندما رأى قطة خاف منها ولم يعرف ماهي.
بعد هروبهم كافحت مليكة وأوصلت صوتها للصحافة العالمية،  فدوِّلَت قضيتهم وطارت في الآفاق وتدخّل الكثيرين من رؤساء الدول والمشاهير ومن بينهم الممثل (ألن دلون). واضطر الملك ان يُخرج العائلة بالكامل واحتجزهم في منزل في مدينة الرباط لمدة سنتين تقريباً تحت الاقامة الجبرية. حتى استطاعت احدى اخواتها من الهروب الى اسبانيا وبعد ذلك اضطر الملك الى ترحيل العائلة بالكامل الى فرنسا. ولكنهم وصلوا أخيراً الى فرنسا مع سلسلة طويلة من الامراض تبدأ بسرطانات القولون وصولاً الى الامراض النفسية التي لا علاج لها. 

"...... تلك الكراهية التي كانت تملأ قلبي لجلادي والتي خلتها بأنها تشمل بلادي .. لكنهم ما إن أطلقوا سراحي .. حتى انطفأت نيرانها وخمدت ......
إنّ حياتي لن تكون أبداً في المغرب .. مع أنني أحب وطني بعمق .. "



مليكة محمد أوفقير:

ولدت في مراكش عام  1953. كاتبة مغربية والدها الجنرال أوفقير. عمل والدها طوال حياته بالقرب من القيادة المغربية، ثم قام بمحاولة اغتيال للملك الحسن الثاني وسجن في بداية السبعينات
ليعدم بعدها بخمس رصاصات في جسده، ونتيجة لموقفه تعرضت عائلتة لأشد أنواع التنكيل في سجن سري في الصحراء الكبرى وكان من ضمنهم مليكة.

 في الـ16 من يوليو عام 1996 عندما بلغت مليكة أوفقير من العمر 43 عاماً هاجرت إلى باريس برفقة أخيها رؤوف وأختها سُكيْنه.
اعتنقت هي ومعظم افراد عائلتها الديانة المسيحية. وفي عام 1998 تزوجت من رجل فرنسي "إريك بوردروي" وتعيش معه حالياً في فرنسا.


من مؤلفاتها:

- السجينة 1999
- الغريبة:  تحكي فيها قصتها بعد زواجها وكيف تأقلمت مع الحياة                         الجديدة .








4 comments:

  1. جذبتني الرواية الشيقة للحقيقة القاسية والمأساة التي عاشتها أسرة الجنرال محمد اوفقير - و كنت شديد الإعجاب بشخصية الجنرال اوفقير ،،، و لكن عندما وصلت لنهاية القصة أو '' المأساة '' صدمت و سقطت الأسرة في نظري تماماً و ذلك لتخليهم عن دينهم و الذي لو لا تمسكهم به لما استطاعوا الصمود و الصبر طيلة هذه السنوات ،،، إنها فجيعة تضاف لفجيعتهم في السجون بل و هذه أمضُّ و أشدُّ ألماً لهم ٠٠

    ReplyDelete
  2. هل هناك اشد على الانسان من خسارة دينه واخرته... لقد خسروا دنياهم واخرتهم اللهم اهديهم سبل الرشاد

    ReplyDelete
    Replies
    1. إعتناق المسيحية كان في السجن . و تلخيص الرواية تحتوي على مجموعة من المغالطات

      Delete

Twitter Bird Gadget