كيوكو أوتشاي
قصة من الادب الياباني
كان ذلك في أصيل يوم من أيام شهر سبتمبر ، من خلف ستار رقيق في زاوية بأحد المطاعم تعالت أصوات رجل وامرأة ، في البداية كانت الأصوات عبارة عن وشوشة مكتومة إلا أن النقاش ازداد سخونة وصخباً بالتدريج ، ولم يعد هناك من شك في أن الشخصين هما زوجان في طريقهما إلى الانفصال ، يتصرفان للوصول إلى ذلك بأسلوب يفتقر إلى المودة .
وبالحكم من خلال ما كان يصدر من المرأة تكراراً ، بصوت حاد وصاخب ، بدا واضحا أنها ليست الطرف الذي يطلب الانفصال.
- " بعد كل هذا الوقت الذي عشناه معاً . هذا ليس عدلاً ! كيف بإمكانك أن تكون..تكون قاسياً إلى هذا الحد ؟! "
في مثل هذه المواقف فإن النهج التقليدي المسلّم به كقاعدة إلى حد ما هو أن الطرف الذي يتعرض للنكث بعهده يكون في موقف الهجوم .. ومن الأمور المتوقعة والمعتادة في مثل هذه المواقف أن التلفظ بقليل من الألقاب النابية والاتهامات الحادة والاهتياج العصبي يعد من الأمور المتوقعة والطبيعية ، ومن الواضح أن المرأة لم تر ضرورة لانتهاك هذا التقليد المعمول به .
- " عندما أفكر في كل تلك التضحيات ..ما الذي فعلته أنت في المقابل ؟ كذب .. غش .. خداع .. أنت .. أنت ..طاعن بالخنجر في الظهر !
لو أن الرجل في المقابل قال شيئاً ساعتها للدفاع عن نفسه فمن المؤكد أنه لم يكن مسموعاً على الإطلاق ..ربما كانت الاستراتيجية التي يتبعها هي أن ينحني لعاصفة الكلمات هذه ، فمن المؤكد أنها لن تستمر للأبد.
- " كل تلك الثقة وذلك الإخلاص.. هل هذا هو الشكر الذي يناله المرء ؟ أليس لديك أدنى شعور ؟ كيف بإمكانك أن تفعل هذا لشخص يحبك كيف ..كيف ؟
تراجع الغضب الأخلاقي الذي بدأت به المرأة ثورتها مفسحاً الطريق لإشفاق على الذات متعثر وممتزج بالنحيب ، وسرعان ما انخرطت في البكاء..غير أنه لم يكن بكاء فتاة في صدر العمر ، وإنما كان هناك شيء ناضج وعقلاني ، على نحو مذهل في بكائها الذي غدا مكتوماً متقطعاً وموحياً بالإعياء والسأم في الدنيا .
وبافتراض أن الجانب الذكوري من الصورة هو لشاب في مقتبل العمر ، فإن المرء يتساءل عما إذا لم تكن قصة الحب هذه في لقاء بين شاب في ريعانه وامرأة في خريف العمر ..
قالت المرأة بعد أن استعادت هدوءها : إلى هنا ويكفي.لقد عرفت أي نوع من الأشخاص أنت ، إنها لمضيعة للوقت محاولة الحديث مع شخص على شاكلتك ..إنني ذاهبة .
أحدث الكرسي ضجيجاً باحتكاكه على الأرض ، وللتو ظهرت امرأة من خلف الستار ، كانت ترتدي كيمونو غالي الثمن ويبدو أنها في نهاية الخمسينات من عمرها أو ربما أكثر بقليل ، ولعله من المدهش أن تجد امرأة في مثل عمرها تكمل بنجاح إنجازاً عاطفياً وجريئا كهذا الموقف !
اتجهت رأسا نحو المخرج وأطراف الكيمونو الذي ترتديه تتموج بغضب ، وبعد أن سارت نحو ثلاث أو أربع خطوات ، توقفت عائدة ، ربما نسيت شيئاً ما ،أو ربما فكرت في عبارة تختم بها هذا الوداع .
عندما وصلت إلى الستار، توقفت هناك غاضبة لثوان ، ثم بدأت
وبالحكم من خلال ما كان يصدر من المرأة تكراراً ، بصوت حاد وصاخب ، بدا واضحا أنها ليست الطرف الذي يطلب الانفصال.
- " بعد كل هذا الوقت الذي عشناه معاً . هذا ليس عدلاً ! كيف بإمكانك أن تكون..تكون قاسياً إلى هذا الحد ؟! "
في مثل هذه المواقف فإن النهج التقليدي المسلّم به كقاعدة إلى حد ما هو أن الطرف الذي يتعرض للنكث بعهده يكون في موقف الهجوم .. ومن الأمور المتوقعة والمعتادة في مثل هذه المواقف أن التلفظ بقليل من الألقاب النابية والاتهامات الحادة والاهتياج العصبي يعد من الأمور المتوقعة والطبيعية ، ومن الواضح أن المرأة لم تر ضرورة لانتهاك هذا التقليد المعمول به .
- " عندما أفكر في كل تلك التضحيات ..ما الذي فعلته أنت في المقابل ؟ كذب .. غش .. خداع .. أنت .. أنت ..طاعن بالخنجر في الظهر !
لو أن الرجل في المقابل قال شيئاً ساعتها للدفاع عن نفسه فمن المؤكد أنه لم يكن مسموعاً على الإطلاق ..ربما كانت الاستراتيجية التي يتبعها هي أن ينحني لعاصفة الكلمات هذه ، فمن المؤكد أنها لن تستمر للأبد.
- " كل تلك الثقة وذلك الإخلاص.. هل هذا هو الشكر الذي يناله المرء ؟ أليس لديك أدنى شعور ؟ كيف بإمكانك أن تفعل هذا لشخص يحبك كيف ..كيف ؟
تراجع الغضب الأخلاقي الذي بدأت به المرأة ثورتها مفسحاً الطريق لإشفاق على الذات متعثر وممتزج بالنحيب ، وسرعان ما انخرطت في البكاء..غير أنه لم يكن بكاء فتاة في صدر العمر ، وإنما كان هناك شيء ناضج وعقلاني ، على نحو مذهل في بكائها الذي غدا مكتوماً متقطعاً وموحياً بالإعياء والسأم في الدنيا .
وبافتراض أن الجانب الذكوري من الصورة هو لشاب في مقتبل العمر ، فإن المرء يتساءل عما إذا لم تكن قصة الحب هذه في لقاء بين شاب في ريعانه وامرأة في خريف العمر ..
قالت المرأة بعد أن استعادت هدوءها : إلى هنا ويكفي.لقد عرفت أي نوع من الأشخاص أنت ، إنها لمضيعة للوقت محاولة الحديث مع شخص على شاكلتك ..إنني ذاهبة .
أحدث الكرسي ضجيجاً باحتكاكه على الأرض ، وللتو ظهرت امرأة من خلف الستار ، كانت ترتدي كيمونو غالي الثمن ويبدو أنها في نهاية الخمسينات من عمرها أو ربما أكثر بقليل ، ولعله من المدهش أن تجد امرأة في مثل عمرها تكمل بنجاح إنجازاً عاطفياً وجريئا كهذا الموقف !
اتجهت رأسا نحو المخرج وأطراف الكيمونو الذي ترتديه تتموج بغضب ، وبعد أن سارت نحو ثلاث أو أربع خطوات ، توقفت عائدة ، ربما نسيت شيئاً ما ،أو ربما فكرت في عبارة تختم بها هذا الوداع .
عندما وصلت إلى الستار، توقفت هناك غاضبة لثوان ، ثم بدأت
في الصراخ : " اكيو ، ماذا تنتظر ؟ في البداية كل ما قمت به هو الجلوس هناك منتحباً ، في الحين تعيد على والدتك أن تحـدّث تلك المرأة بدلاً عنك .. حسناً .. لقد أخبرتها أنا ..ألم أفعل ذلك ؟ ألا ترى أن الموضوع بلا جدوى ؟
تمالك نفسك تواً وهُــمَّ معي !
من خلف الستار ، خرج شاب يافع يبلغ نحو الخامسة أو السادسة والعشرين من العمر مترددا وقد احمرت عيناه ، كان يرتدي بدلة جميلة ذات لون أزرق داكن. فور خروجه من خلف الستار توقف وألقى نظرة للخلف كما لو كان لا يريد المغادرة .
"اكيو .." لا بد وأن تنسى هذه المرأة البغيضة ، أمك ستجد لك امرأة جديرة بحبك ..تعال ، لنذهب إلى البيت !
تمالك نفسك تواً وهُــمَّ معي !
من خلف الستار ، خرج شاب يافع يبلغ نحو الخامسة أو السادسة والعشرين من العمر مترددا وقد احمرت عيناه ، كان يرتدي بدلة جميلة ذات لون أزرق داكن. فور خروجه من خلف الستار توقف وألقى نظرة للخلف كما لو كان لا يريد المغادرة .
"اكيو .." لا بد وأن تنسى هذه المرأة البغيضة ، أمك ستجد لك امرأة جديرة بحبك ..تعال ، لنذهب إلى البيت !
كيوكو أوتشاي:
كاتبة روايات ومقالات أدبية، تخرجت من جامعة ميجي بشهادة في الأدب الإنجليزي والأمريكي.
تمتلك "دار كراوين" للنشر ومكتبة للأطفال والآباء. حازت على جائزة " جالاكسي " وجائزة المجلس الياباني للصحافيين.