عندما اقول لك أن العابنا أحسن فلست أقصد هذه الدمى التي نشتريها لكم قبل الميلاد. هذه دمى لم نرها ولم نحلم بها. أنتم أغنى بهذه الدمى ولست أقصد هذه التشابيه للسيارات والقطارات
والمراكب ... ولست أقصد هذه التماثيل للحيوانات: القطط من كل
الاشكال والالوان، الكلاب من كل الاجناس والاحجام ، دببة ... زواحف ... طيور ... لا لست اقصد هذه، فانكم بها أغنى منا هذه لعب لم نرها ولم نحلم بها .
أنا كنت أشير الى الالعاب التي كنا نستعمل فيها ايدينا وارجلنا وحناجرنا وقلوبنا، كنت اشير الى العاب الساحة، العاب القفز والنط، العاب الحرب والضرب، العاب الجَلَد (الصبر)، الالعاب التي لم يكن لها ثمن، التي لم ينفق الوالد عليها متليكاً ( عملة تركية قديمة ) واحداً .
هذه الالعاب أحسن من العابكم وأكثر بهجة. العابنا تدوم وتنتقل من جيل الى جيل أما العابكم فتبيعونها بعد انقضاء عيد الميلاد.
في اليابان وفي اميركا والمانيا ... ناس يصنعون لكم الالعاب والدمى والتماثيل فيربحون الملايين. هؤلاء قالوا لآباءكم ان هذه الالعاب تقوي الدماغ وهذه الدمى تنمّي الخيال وهذه التماثيل تولد فيكم العبقرية. وصدّق آباؤكم ومعلموكم ولكنهم سيكتشفون قريباً ان لم يكونوا قد اكتشفوا أن هذه الدمى تضعف الركب وتنمي الخيال ولكنها توهن السواعد وهذه التماثيل تولد فيكم العبقرية ولكنها تفقدكم الشهية والنهم. إن العابنا كانت تقوي الركب وتفتل السواعد وتبعث فينا الشهية.
تلعبون الآن وعيون المعلمين والامهات ترعاكم: يا حارس ! اوعا. اعط بالك. لا تقفز. لا تخاطر ... اما نحن كنا نلعب في الوعر، في البورة، في الساحة .... كنا حقاً نلعب: بركبنا، وبسواعدنا و وبصدورنا، وبحناجرنا فكانت ركبنا وصدورنا وسواعدنا أفضل من ركبكم وسواعدكم وحناجركم .
صدقني إذا قلت لك ان العابنا أحسن من العابكم .
أنيس الياس فريحة (1903-1993):
أديب وصحافي ومدرس وباحث لبناني. دكتور في الفلسفة واللغات السامية ومحاضر جامعي. له ابحاث في اللغة واللهجات والأمثال والملاحم والأساطير القديمة، تميز بدراساته العلمية والأكاديمية،
أديب وصحافي ومدرس وباحث لبناني. دكتور في الفلسفة واللغات السامية ومحاضر جامعي. له ابحاث في اللغة واللهجات والأمثال والملاحم والأساطير القديمة، تميز بدراساته العلمية والأكاديمية،
إتقن عدداً من اللغات السامية كالسريانية والعبرية القديمة أي الكنعانية والأوغاريتية المكتوبة بالحرف المسماري. اهتم ببعض الجوانب من تاريخ لبنان وتراثه الشعبي ولهجات قراه وعاداتهم وتقاليدهم وأمثالهم، إضافة إلى اهتمامه بتبسيط قواعد اللغة العربية والخط العربي.
ولد في رأس المتن من جبل لبنان في اسرة مسيحية أورثوذكسية. لكن أباه المعروف باسم "بونجم" كان قد انضم إلى طائفة الفرندز البروتستانتية. تلقى علومه العليا في الجامعة الأميركية في بيروت وتخرج منها برتبه بكلوريوس سنة 1927. نال شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة شيكاغو ثم درس في جامعة تونبغن في ألمانيا وعاد لجامعة شيكاغو ليحصل على دكتوراه في اللغات السامية. امتهن التدريس، فعلّم في بيروت وفي جامعة فرانكفورت في ألمانيا، وفي جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية وعمل أستاذاً زائراً في معهد الدراسات العربية العالية التابع لجامعة الدول العربية وفي معهد الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن وفي جامعة فرنكفورت في ألمانيا وفي جامعة كاليفورنيا في لوس انجيلوس. كتب وألف عدد كبير من المقالات والبحوث في الصحف والمجلاّت، إضافة إلى كتب في مواضيع مختلفة. ركز على اللغة والأدب وبخاصة اللغة العامية.
مؤلفاته:
1956،اسمع يا رضا -
معجم أسماء المدن والقرى اللبنانية، 1972 -
يسّروا أساليب التعليم، 1956 -
محاضرات في اللهجات والأساليب ودراستها، 1955 -
معجم الألفاظ العامية 1973 -
أحيقار": حكيم من الشرق الأدنى القديم، 1962 -
أثينا في عهد بركليس، 1966 -
أسماء المدن والقرى اللبنانية وتفسير معانيها -
حضارة في طريق الزوال -
القرية اللبنانية-
نحو عربية ميسّرة -
معجم الأمثال اللبنانية الحديثة -
في اللغة العربية ومشكلاتها -
أسماء الأشهر العربية وتفسير معانيها -
الخط العربي- نشأته ومشكلاته -
الفكاهة عند العرب -
سوانح من تحت الخرّوبة -
النكتة اللبنانية تتمة لحضارة حلوة -
دراسة اللهجات دراسة علمية -
تبسيط قواعد اللغة العربية -
"قبل أن أنسى وهو تتمة لكتابه الممتع "اسمع يا رضا -