من قصص ألف ليلة وليلة
إلى جزيرة وكل محل رسونا عليه نقابل التجار وأرباب الدولة والبائعين والمشترين، ونبيع ونشتري ونقايض بالبضائع فيه.
كبيرة الدائرة فدنوت منها ودرت حولها، فلم أجد لها باباً ولم أجد لي قوة ولا حركة في الصعود عليها من شدة النعومة فعلمت مكان وقوفي ودرت حول القبة أقيس دائرتها فإذا هي خمسون خطوة وافية، فصرت متفكراً في الحيلة الموصلة إلى دخولها وقد قرب زوال النهار وغروب الشمس وإذا بالشمس قد خفيت والجو قد أظلم واحتجبت الشمس عني، ظننت أنه جاء على الشمس غمامة وكان ذلك في زمن الصيف فتعجبت ورفعت رأسي وتأملت في ذلك فرأيت طيراً عظيم الخلقة كبير الجثة عريض الأجنحة طائراً في الجو وهو الذي غطى عين الشمس وحجبها عن الجزيرة فازددت من ذلك عجباً ثم إني تذكرت حكاية. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وبان الصباح قام الطائر من على بيضته وصاح صيحة عظيمة وارتفع بي إلى الجو حتى ظننت أنه وصل إلى عنان السماء وبعد ذلك تنازل بي حتى نزل إلى الأرض وحط على مكان مرتفع عال، فلما وصلت إلى الأرض أسرعت وفككت الرباط من رجليه وأنا أنتفض، مشيت في ذلك المكان ثم إنه أخذ شيئاً من على وجه الأرض في مخالبه وطار إلى عنان السماء فتأملته فإذا هو حية عظيمة الخلقة كبيرة الجسم قد أخذها وذهب بها إلى البحر فتعجبت من ذلك ثم إني تمشيت في ذلك المكان فوجدت نفسي في مكان عال وتحته واد كبير واسع عميق، وبجانبه جبل عظيم شاهق في العلو لا يقدر أحد أن يرى أعلاه من فرط علوه، وليس لأحد قدرة على الطلوع فوقه فلمت نفسي على ما فعلته وقلت يا ليتني مكثت في الجزيرة فإنها أحسن من هذا المكان القفر، لأن الجزيرة كان يوجد فيها شيء آكله من أصناف الفواكه وأشرب من أنهارها وهذا المكان ليس فيه أشجار ولا أثمار ولا أنهار فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أنا كل ما أخلص من مصيبة أقع فيما هو أعظم منها وأشد.
السندباد البحري:
.....
.....
... وفي الليلة السادسة والثلاثين بعد الخمسمائة قالت:
بلغني أيها الملك السعيد، أن السندباد البحري لما اجتمع عنده
أصحابه قال لهم إني كنت في ألذ عيش إلى أن خطر ببالي يوماً من الأيام السفر إلى بلاد الناس واشتاقت نفسي إلى التجارة والتفرج في البلدان والجزر واكتساب المعاش، فهممت في ذلك الأمر وأخرجت من مالي شيئاً كثيراً اشتريت به بضائع وأسباباً تصلح للسفر وحزمتها وجئت إلى الساحل فوجدت مركباً مليحاً جديداً، وله قلع قماش مليح وهو كثير الرجال زائد العدة وأنزلت حمولتي فيه أنا وجماعة من التجار وقد سافرنا في ذلك النهار وطاب لنا السفر ولم نزل من بحر إلى بحر ومن جزيرةإلى جزيرة وكل محل رسونا عليه نقابل التجار وأرباب الدولة والبائعين والمشترين، ونبيع ونشتري ونقايض بالبضائع فيه.
ولم نزل على هذه الحالة إلى أن ألقتنا المقادير على جزيرة كثيرة الأشجار يانعة الأثمار فائحة الأزهار مترنمة الأطيار صافية الأنهار ولكن ليس بها ديار ولا نافخ نار فأرسى بنا الريس على تلك الجزيرة، وقد طلع التجار والركاب يتفرجون على ما بها من الأشجار والأطيار ويسبحون الله الواحد القهار ويتعجبون من قدرة الملك الجبار فعند ذلك طلعت إلى الجزيرة مع جملة من طلع وجلست على عين ماء صاف بين الأشجار وكان معي شيء من المأكل فجلست في هذا المكان آكل ما قسم الله تعالى لي وقد طاب النسيم وصفا لي الوقت فأخذتني سنة من النوم فارتحت واستغرقت في النوم وتلذذت بذلك النسيم الطيب والروائح الزكية ثم إني قمت فلم أجد أحداً لا من التجار ولا من البحرية فتركوني في الجزيرة وقد
التفت فيها يميناً
وشمالاً فلم أجد بها أحد غيري، فحصل عندي قهر شديد ما عليه من مزيد وكادت مرارتي تنفقع من شدة ما أنا فيه من الغم والحزن والتعب ولم يكن معي شيء من حطام الدنيا ولا من المأكل ولا من المشرب وصرت وحيداً، وقد تعبت في نفسي ويئست من الحياة وبعد ذلك قمت على حيلي وتمشيت في الجزيرة يميناً وشمالاً وصرت لا أستطيع الجلوس في محل واحد ثم إني صعدت على شجرة عالية وصرت أنظر من فوقها يميناً وشمالاً فلم أر غير سماء وماء وأشجار وأطيار وجزر ورمال ثم حققت النظر فلاح لي في الجزيرة شيء أبيض عظيم الخلقة فنزلت من فوق الشجرة وقصدته وصرت أمشي إلى ناحيته، ولم أزل سائراً إلى أن وصلت عليه، وإذا به قبة كبيرة بيضاء شاهقة في العلوكبيرة الدائرة فدنوت منها ودرت حولها، فلم أجد لها باباً ولم أجد لي قوة ولا حركة في الصعود عليها من شدة النعومة فعلمت مكان وقوفي ودرت حول القبة أقيس دائرتها فإذا هي خمسون خطوة وافية، فصرت متفكراً في الحيلة الموصلة إلى دخولها وقد قرب زوال النهار وغروب الشمس وإذا بالشمس قد خفيت والجو قد أظلم واحتجبت الشمس عني، ظننت أنه جاء على الشمس غمامة وكان ذلك في زمن الصيف فتعجبت ورفعت رأسي وتأملت في ذلك فرأيت طيراً عظيم الخلقة كبير الجثة عريض الأجنحة طائراً في الجو وهو الذي غطى عين الشمس وحجبها عن الجزيرة فازددت من ذلك عجباً ثم إني تذكرت حكاية. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السابعة والثلاثين بعد الخمسمائة قالت:
بلغني أيها الملك السعيد، أن السندباد البحري لما زاد تعجبه من الطائر الذي رآه في الجزيرة تذكر حكاية أخبره بها قديماً أهل السياحة والمسافرون، وهي أن في بعض الجزائر طيراً عظيماً
يقال له الرخ يزق أولاده بالأفيال. فتحققت أن القبة التي رأيتها إنما هي بيضة من بيض الرخ ثم إني تعجبت من خلق الله تعالى فبينما أنا على هذه الحالة وإذا بذلك الطير نزل على تلك القبة وحضنها بجناحيه وقد مد رجليه من خلفه على الأرض ونام عليها فسبحان من لا ينام فعند ذلك فككت عمامتي من فوق رأسي وثنيتها وفتلتها حتى صارت مثل الحبل وتحزمت بها وشددت وسطي وربطت نفسي في رجلي ذلك الطير وشددتها شداً وثيقاً وقلت في نفسي لعل هذا يوصلني إلى بلاد المدن والعمار ويكون ذلك أحسن من جلوسي في هذه الجزيرة وبت تلك الليلة ساهراً خوفاً من أن أنام فيطير بي على حين غفلة. فلما طلع الفجروبان الصباح قام الطائر من على بيضته وصاح صيحة عظيمة وارتفع بي إلى الجو حتى ظننت أنه وصل إلى عنان السماء وبعد ذلك تنازل بي حتى نزل إلى الأرض وحط على مكان مرتفع عال، فلما وصلت إلى الأرض أسرعت وفككت الرباط من رجليه وأنا أنتفض، مشيت في ذلك المكان ثم إنه أخذ شيئاً من على وجه الأرض في مخالبه وطار إلى عنان السماء فتأملته فإذا هو حية عظيمة الخلقة كبيرة الجسم قد أخذها وذهب بها إلى البحر فتعجبت من ذلك ثم إني تمشيت في ذلك المكان فوجدت نفسي في مكان عال وتحته واد كبير واسع عميق، وبجانبه جبل عظيم شاهق في العلو لا يقدر أحد أن يرى أعلاه من فرط علوه، وليس لأحد قدرة على الطلوع فوقه فلمت نفسي على ما فعلته وقلت يا ليتني مكثت في الجزيرة فإنها أحسن من هذا المكان القفر، لأن الجزيرة كان يوجد فيها شيء آكله من أصناف الفواكه وأشرب من أنهارها وهذا المكان ليس فيه أشجار ولا أثمار ولا أنهار فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أنا كل ما أخلص من مصيبة أقع فيما هو أعظم منها وأشد.
ثم إني قمت وقويت نفسي ومشيت في ذلك الوادي، فرأيت أرضه من حجر الألماس والجواهر، وفي كل تلك الوادي حيات وأفاع وكل واحدة مثل النخلة ومن عظم خلقتها لو جاءها فيل لابتلعته، وتلك الحيات يظهرن في الليل ويختفين في النهار خوفاً من طير الرخ والنسر أن يختطفها ويقطّعها ولا أدري ما سبب ذلك.
فأقمت بتلك الوادي وأنا متندم على ما فعلته وقلت في نفسي والله إني قد عجلت بالهلاك على نفسي وقد ولى النهار علي فصرت
أمشي في تلك الوادي والتفت على محل أبيت فيه وأنا خائف من تلك الحيات ونسيت أكلي وشربي ومعاشي واشتغلت بنفسي، فلاح لي مغارة بالقرب مني فمشيت فوجدت بابها ضيقاً فدخلتها ونظرت إلى حجر كبير عند بابها فدفعته وسددت به باب تلك المغارة وأنا داخلها وقلت في نفسي قد أمنت لما دخلت في هذا المكان، وإن طلع النهار أنظر ما تفعل القدرة.
ثم التفت في داخل المغارة فرأيت حية عظيمة نائمة في صدرها على بيضها فاقشعر بدني وسلمت أمري للقضاء والقدر وبت ساهراً طوال الليل إلى أن طلع الفجر ولاح، فأزحت الحجر الذي سددت به باب المغارة، وخرجت منه وأنا مثل السكران دائخ من شدة السهر والجوع والخوف وتمشيت في الوادي.
وبينما أنا على هذه الحالة وإذا بذبيحة قد سقطت من قدامي ولم أجد أحداً فتعجبت من ذلك أشد العجب وتفكرت حكاية أسمعها من قديم الزمان من بعض التجار والمسافرين وأهل السياحة أن في جبال حجر الألماس الأهوال العظيمة ولا يقدر أحد أن يسلك إليه ولكن التجار الذين يجلبون الالماس يعملون حيلة في الوصول إليه ويأخذون الشاة من الغنم ويذبحونها ويسلخونها ويرشون لحمها ويرمونه من أعلى ذلك الجبل إلى أرض الوادي فتنزل وهي طرية فيلتصق بها شيء من هذه الحجارة ثم تتركها التجار إلى نصف النهار فتنزل الطيور من النسور والرخ إلى ذلك اللحم وتأخذه في مخالبها وتصعد إلى أعلى الجبل فيأتيها التجار وتصيح عليها وتصير من عند ذلك اللحم وتخلص منه الحجارة اللاصقة به ويتركون اللحم للطيور والوحوش ويحملون الحجارة إلى بلادهم ولا أحد يقدر أن يتوصل إلى مجيء حجر الألماس إلا بهذه الحيلة.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثامنة والثلاثين بعد الخمسمائة قالت:
بلغني أيها الملك السعيد، أن السندباد البحري صار يحكي لأصحابه جميع ما حصل له في جبل الماس، ويخبرهم أن التجار لا يقدرون على مجيء شيء منه إلا بحيلة مثل الذي ذُكِرت، ثم قال فلما نظرت إلى تلك الذبيحة تذكرت هذه الحكاية قمت وجئت عند الذبيحة فنقيت من هذه الحجارة شيئاً كثيراً وأدخلته في جيبي وبين ثيابي وصرت أنقي وأدخل في جيوبي وحزامي وعمامتي وبين حوائجي، فبينما أنا على هذه الحالة وإذا بذبيحة كبيرة فربطت نفسي عليها ونمت على ظهري وجعلتها على صدري وأنا قابض عليها فصارت عالية على الأرض وإذا بنسر نزل على تلك
الذبيحة وقبض عليها بمخالبه وأقلع بها إلى الجو وأنا معلق بها ولم يزل طائراً بها إلى أن صعد بها إلى أعلى الجبل وحطها وأراد أن ينهش منها، وإذا بصيحة عظيمة عالية من خلف ذلك النسر وشيء يخبط بالخشب على ذلك الجبل فجفل النسر وطار إلى الجو، ففككت نفسي من الذبيحة وقد تلوثت ثيابي من دمها، ووقفت بجانبها، وإذا بذلك التاجر الذي صاح على النسر تقدم إلى الذبيحة فرآني واقفاً فلم يكلمني، وقد فزع مني وارتعب، وأتى الذبيحة وقلبها فلم يجد فيها شيئاً فصاح صيحة عظيمة وقال واخيبتاه، وهو يتندم ويخبط كفاً على كف ويقول واحسرتاه أي شيء هذا الحال..
فتقدمت إليه فقال لي: من أنت؟ وما سبب مجيئك إلى هذا المكان؟ فقلت له: لا تخف ولا تخش، فإني إنسي من خيار الإنس، وكنت تاجراً ولي حكاية عظيمة وقصة غريبة، وسبب وصولي إلى هذا الجبل وهذا الوادي حكاية عجيبة فلا تخف فلك ما يسرك مني، وأنا معي شيء كثير من حجر الألماس فأعطيك منه شيئاً يكفيك، وكل قطعة معي أحسن من كل شيء يأتيك فلا تجزع ولا تخف.
فعند ذلك شكرني الرجل وتحدث معي وإذا بالتجار سمعوا كلامي
مع رفيقهم فجاؤوا إلي وكان كل تاجر رمى ذبيحته فلما قدموا علينا سلموا علينا وهنؤوني بالسلامة وأخذوني معهم، وأعلمتهم بجميع قصتي وما قاسيته في سفرتي وأخبرتهم بسبب وصولي إلى هذه الوادي، ثم إني أعطيت لصاحب الذبيحة التي تعلقت فيها شيئاً كثيراً مما كان معي ففرح بي جداً فما أحد وصل إلى هذا المكان قبلك ونجا منه ولكن الحمد لله على سلامتي ونجاتي من وادي الحيات ووصولي إلى بلاد العمار.
ولما طلع النهار قمنا وسرنا على ذلك الجبل العظيم، ولم نزل سائرين إلى أن أتينا بستاناً في جزيرة عظيمة مليحة وفيها شجر الكافور وكل شجرة منها يستظل تحتها إنسان، وإذا أراد أن يأخذ منه أحد يثقب من أعلى الشجرة ثقباً بشيء طويل ويتلقى ما ينزل منه فيسيل منه ماء الكافور ويعقد مثل الشمع وهو عسل ذلك الشجر وبعد ذلك تيبس الشجرة وتصير حطباً.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة التاسعة والثلاثين بعد الخمسمائة قالت:
.........
.........
...
هو شخصية خيالية من شخصيات ألف ليلة وليلة وهو بحار من
البصرة عاش في فترة الخلافة العباسية. تعتبر حكاية السندباد البحري واحدة من أشهر حكايات ألف ليلة وليلة التي تدور احداثها في الشرق الأوسط. زار السندباد الكثير من الأماكن السحرية والتقى بالكثير من الوحوش اثناء ابحاره في سواحل أفريقيا الشرقية وجنوب آسيا. وقد قام السندباد بعدة سفرات لقي فيها المصاعب والأهوال واستطاع النجاة منها بصعوبة.
No comments:
Post a Comment